للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعذار التي ذكرها المؤلف هذه أعذار تُسوِّغ للإنسان أن يدع الجماعة؛ لأنه متصف بما يعذر به أمام الله، أما من أكل بصلًا أو ثومًا فلا نقول: إنه معذورٌ بترك الجمعة والجماعة، ولكن نقول: لا يحضر دفعًا لأذيته.

وهناك فرق بين هذا وهذا؛ لأن هذا المعذور يُكتب له أجر الجماعة إذا كان من عادته أن يصلي مع الجماعة، يُكتب له الأجر كاملًا؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» (٢٩).

أما آكل البصل والثوم فلا يُكتب له أجر الجماعة، لماذا؟ لأننا إنما قلنا له: لا تحضر دفعًا للأذية؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسَانُ» (٣٠).

عندي أشياء بعد ذكرها غير مسألة البصل، يقول رحمه الله: (إذا كان الإنسان فيه بخرٌ) (بخر) تعرفون البخر؟ رائحة منتنة في الفم، أو في الأنف تؤذي، هل نقول: إنه لا يصلي مع الجماعة، أو يحضر ولو آذى الناس؟

نقول: لا يحضر دفعًا لأذيته، لكن هذا ليس كآكل البصل؛ لأن آكل البصل فعل ما يتأذى به الناس باختياره، أما هذا فليس باختياره، وقد نقول: إن هذا الرجل يُكتب له أجر الجماعة؛ لأن هذا بغير اختياره، معذور.

وقد نقول: إنه لا يُكتب له أجر الجماعة؛ لكنه لا يأثم، كما أن الحائض تترك الصلاة بأمر الله، ومع ذلك لا يكتب لها أجر الصلاة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام جعل تركها للصلاة نقصًا في دينها.

من شرب دخانًا، وكان فيه رائحة مزعجة تؤذي الناس؛ لأن الدخان ينقسم: بعضه رائحته ليست كريهة، وبعضه رائحته كريهة، الرخيصة منه رائحته كريهة، والغالي ليست رائحته كريهة.

طالب: نسبية.

الشيخ: نسبية، على كل حال، كل شيء نسبي. رِيحُ الْوَرْدِ مُؤْذٍ فِي الْجُعَل، وريح العذِرَة يُكيَّف عليه، فالأمر نسبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>