وهذا تفريق دقيق؛ لأن الفتح يناسب الأعلى، والميت فوق النعش، والكسر يناسب الأسفل، والنعش تحت الميت، وينبغي للإنسان أن يتذكر حاله ونهايته في هذه الدنيا، وليست هذه النهاية نهاية، بل وراءها غاية أعظم منها وهي الآخرة، فينبغي للإنسان أن يتذكر دائمًا الموت، ولكن يتذكر الموت لا على أساس الفراق للأحباب والمألوف؛ لأن هذه نظرة قاصرة.
ولكن على أساس فراق العمل والحرث للآخرة، فإنه إذا نظر هذه النظرة استعد وزاد في عمل الآخرة، وإذا نظر النظرة الأولى حزن وساءه الأمر، وصار على حد قول الشاعر:
لَا طِيبَ لِلْعَيْشِ مَا دَامَتْ مُنَغَّصَةً
لَذَّاتُهُ بِادِّكَارِ الْمَوْتِ وَالْهَرَمِ
فيكون ذكره على هذا الوجه لا يزداد به إلا تحسرًا وتنغيصًا، أما إذا ذكره على الوجه الأول وهو أن يتذكر الموت ليستعد له ويعمل للآخرة، فهذا لا يزيده حزنًا، وإنما يزيده إقبالًا إلى الله عز وجل، وإذا أقبل الإنسان على ربه فإنه يزداد صدره انشراحًا، وقلبه اطمئنانًا، فينبغي أن يستعد.
وفي هذا المجال يحسن البحث في أمور:
أولًا: هل المريض إذا مرض، هل يعاد أو لا يعاد؟ الجواب: بل يعاد.
وعيادة المريض من حقوق المسلم على أخيه، وفي العيادة من جلب المودة والإلف، والمحبة شيء لا يعرفه إلا من أُصيب ثم عيد، فإنك إذا عُدت أخاك في مرضه يجد لهذا قيمة كبيرة عظيمة، لا يزال يتذكرها، فالعيادة -أعني عيادة المريض- من السنن المؤكدة، وفيها ثواب عظيم.