أما الأثر فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمه أبا طالب عند وفاته أن يقول: لا إله إلا الله، قال:«يَا عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»(١٤) لأنه إن قالها فهو كسب، وإن لم يقلها فهو كافر، يعني لو فرض أنه ضاق صدره بهذا الأمر ولم يقلها فهو باق على حاله لم يؤثر عليه شيئًا، أما إذا كان مسلمًا وهو ممن يتحمل فإن أمرنا إياه بها لا يؤثر عليه، وإن كان ضعيفًا فإن أمرناه إياه بها ربما يحصل منه رد فعل بحيث يضيق صدره، ويغضب فينكر، يقول: لا يشرع على صاحبه الذي عنده وهو في حال فِراق الدنيا، يأمره بعض الناس حتى في حال الحياة في غير حال الاحتضار إذا قلت له: قل: لا إله إلا الله، يا ابن الحلال قل: لا إله إلا الله، قال: ما أنا بقائل: لا إله إلا الله، إي نعم، فيه ناس عند الغضب يغضب حتى ينسى، فيقول: لا أقول: لا إله إلا الله، فما بالك بهذه الحال؟ فالصواب في هذه المسألة أن يقال: أما من كان كافرًا فإنه يؤمر بها؛ لأن المفسدة التي ( ... ) منها هي موجودة، إن قالها فهو غنم، وإن لم يقلها فلم نغرم شيئًا؛ لأن الرجل كان كافرًا، ودليله أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب أن يقول: لا إله إلا الله، أما إذا كان مسلمًا فينظر إلى الحال، إلى حال الشخص.
وقوله:(تلقينه: لا إله إلا الله) ولم يقل: محمد رسول الله؛ لأن هذا هو الذي ورد به الحديث:«لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»(١٥)، وقال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ مِنَ الدُّنْيَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ»(١٦). فهي مفتاح الإسلام، أعني كلمة التوحيد، وما يأتي بعدها فهو من مكملاتها وفروعها.