رابعا قال:(وخلع ثيابه) خلع ثيابه، ودليل هذا أثري ونظري أيضًا: أما الأثري فهو قول الصحابة حين مات النبي صلّى الله عليه وسلّم: هل نجرد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما نجرد موتانا (٨)، فينبغي أن تخلع ثيابه.
أما النظري فلأن الثياب لو بقيت لحمي الجسم، وأسرع إليه الفساد، فإذا جرّد من ثيابه صار أبرد له وأنفه، ويُسجَّى، يجرد من الثياب ويسجى كما سيأتي. هذا خلع الثياب.
ويجب أن يكون الخلع برفق، يجب برفق، خلافًا لما رأيناه من بعض الناس، تجده يعني ينزع الثياب بشدة، لا سيما في ثياب الشتاء إذا كان على الميت فنايل وشبهها تجده نسأل الله العافية ينزعها كما ينزع القصاب جلد الشاة، وهذا لا شك أنه خلاف الرحمة، خلاف الحنان، ويخشى أن يكون هذا الرجل قد نزعت الرحمة من قلبه، نسأل الله العافية.
تغميضه، شد لحييه، تليين مفاصله، خلع ثيابه، قال:(وستره بثوب) ستره أي الميت، بثوب يكون شاملًا للبدن كله.
ودليل ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين توفي سُجي ببرد حِبَرة (٩)، البُرد: ثوب يلتحف به يشمل كل الجسد، والحبرة: برود يمانية معروفة في ذلك العهد تأتي من اليمن، فسجي النبي صلى الله عليه وسلم ببرد حِبَرة لكنه صلّى الله عليه وسلّم لم يجرد من ثيابه، بل بقيت ثيابه عليه وستر بثوب.
قال:(ووضع حديدة على بطنه) يعني يسن أيضًا، وهذا السادس أن يوضع على بطنه حديدة أو نحوها من الأشياء الثقيلة توضع على بطن الميت.
واستدلوا لهذا بأثر فيه نظر، وبنظر فيه عِلة:
أما الأثر فذكروا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ضعوا على بطنه شيئًا من حديد (١٠)، وهذا الأثر فيه نظر، ولا أظنه يثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه، والذي يظهر من حال الصحابة أنهم لا يفعلون ذلك.
وأما النظر الذي فيه عِلة فإنهم قالوا: لئلا ينتفخ البطن إذا وضع عليه حديدة أو نحوها من الأشياء الثقيلة لئلا ينتفخ.