فإن لم يوجد من تلزمه النفقة أو وُجِدَ وكان فقيرًا ففي بيت المال، فإن لم يوجد بيت مال منتظم فعلى من علم بحاله من المسلمين؛ لأنه فرض كفاية.
إذن فالمراتب أربعة؛ أولًا: في ماله، ثانيًا: من تلزمه نفقته، ثالثًا: بيت المال، رابعًا: عموم المسلمين.
وإنما قُدِّم بيت المال على عموم المسلمين؛ لأنه لا منَّة فيه على الميت، بخلاف ما إذا كان من المسلمين، فإن هذا الذي سيعطيه سيكون في قلبه منَّة عليه.
قال المؤلف رحمه الله:(ويستحب تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض) الاستحباب هنا ليس منصبًّا على أصل التكفين؛ لأن أصل التكفين فرض كفاية، لكنه منصبٌّ على كون الكفن ثلاث لفائف، وكونها بيضًا، فالمستحب في تكفين الرجل أن يكفن في ثلاث لفائف بيض؛ وذلك لأن هذا هو كفن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كُفِّن في ثلاثة أثواب بيض سَحُولِيَّة، ليس فيها قميص ولا عمامة (١٢)، وكذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن نلبس البياض ونكفن فيها موتانا، وقال:«إِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ»(١٣)، ولا شك أن البياض يبهج النفس أكثر من غيره من الألوان؛ ولهذا كان النهار أبيض، وتجد السرور إذا طلع الفجر، بخلاف ما إذا جاء الليل.
إذن نقول: الأفضل أن تكون بيضًا، وأن تكون ثلاث لفائف، فإن كُفِّن بغير الأبيض جاز، وإن كُفِّن بلفافة واحدة جاز أيضًا.
وكيف يكفن؟ قال:(تُجمَّر) يعني: تبخر، وسمي التبخير تجميرًا؛ لأنه يوضع في الجمر، ولكن ترش أولًا بماء، ترش رشًا ثم تبخر؛ من أجل أن يعلق الدخان فيها.
(تُجمَّر، ثم تبسط بعضها فوق بعض) تمد الأولى على الأرض، ثم الثانية، ثم الثالثة.
قال المؤلف:(ويُجْعَل الحنوطُ فيما بينها) الحنوط: أخلاط من الطيب تصنع للأموات، ويدل لهذا قول الرسول عليه الصلاة والسلام في الذي وقصته راحلته:«وَلَا تُحَنِّطُوهُ»(١١)؛ فإن هذا يدل على أن من عادتهم تحنيط الأموات.