للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الشرح عندي: (فإن كانت امرأة استحب تغطية نعشها بمكبة؛ لأنه أستر لها، ويروى أن فاطمة صنع لها ذلك بأمرها، ويُجْعَل فوق المكبة ثوبٌ، وكذا إن كان بالميت حدب ونحوه) لو كان الميت فيه حدب، وهو كثيرًا ما يقع، قد يموت الإنسان وليس حوله أحد، ثم مع شدة الموت يقرفص، فيضم فخذيه إلى بطنه، ثم يموت ويبرد، فيبقى على هذا الوضع، وهذا لا شك أنه تشويه ومثلة، فإذا حصل مثل هذا فإن الذي ينبغي أن يوضع على النعش مكبة؛ من أجل أن يستر هذا التشويه وهذه المثلة.

ثم قال المؤلف: (ويُسَن الإسراع بها) الإسراع بالجنازة سنة؛ لأمر النبي صلى الله عليه وآله بذلك، في قوله: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» (١٨)، ولكن الإسراع ليس ذاسك الإسراع المتعب الذي يشق على المشيعين، وربما يحصل مع الرج من الميت أن يخرج منه شيء؛ ولهذا قال: الإسراع دون الخبب؛ الخبب: المشي بسرعة.

قال الفقهاء مفسِّرين لهذا الإسراع: بحيث لا يمشي مشيته المعتادة، بل يسرع، فالمشيعون للجنازة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

قسم: يمشون على عادتهم، بل ربما يمشون أقل من العادة.

وقسم آخر: يسعون بها سعيًا شديدًا يتعب المشيعين، وربما يحدث من الميت ما لا ينبغي.

القسم الثالث: بين هذا وهذا، وهذا هو المشهور، أن يكون إسراعًا بدون خبب.

قال: (وكون المشاة أمامها والركبان خلفها) يعني: ينبغي إذا كان المشيعون مختلفين ما بين راكب وماشٍ، أن يكون المشاة أمامها والركبان خلفها، هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (٢٣)، ولكن مع ذلك جاءت السنة أيضًا بالتخيير للماشي بين أن يكون أمامها، أو عن يمينها، أو عن شمالها، وكذلك خلفها (٢٣)، حسب ما يتيسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>