للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن مع الأسف أن الناس إذا عملوا عملًا ولم يُنَبَّهُوا عليه صار هذا العمل البدعي سُنَّةً عندهم، وصاحوا بمن ينكر عليهم: أتحسد أمواتنا؟ خَفْ من الله، أمواتنا محتاجون، أعمالهم منقطعة، كيف تحسدهم وتقول: لا تتوجه لهم بالعمل؟ أقول: ادعُ لهم، بدل ما تجعل العمل الصالح لهم خَلِّهِ لنفسك وادع الله لهم خير لك وأفضل، وتأخذ بتوجيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

كنا ونحن صغار لا نعرف الأضحية عن الحي أبدًا، كل الضحايا للأموات، حتى إن الواحد إذا قيل له: ضَحِّ، قال: بسم الله عَلَيَّ ما بعدُ مت، يعني يظن أيش؟ أن الأضحية للميت فقط، ولكن الحمد لله، الآن تَنَوَّرَ الناس، وعرفوا أن الأضحية في الأصل للحي.

قد يتعلل بعض الناس بأن الناس كانوا بالأول في شدة وفي فقر، وليس عندهم من الأضاحي إلا الوصايا التي أوصى بها الأموات في أملاكهم وعقاراتهم، لكن هذه العلة ساقطة، إذا خاطبت العامي ما هو يقولك: إن ما عندي فلوس، يقول: الأضحية لا تكون إلا للميت، وأمثال هذا، ولكن الحمد لله الناس تَنَوَّرُوا، وطلبة العلم بدؤوا يُبَيِّنُون للناس ما هو الحق في هذا الباب.

قال: (ويُسَنُّ أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم)، يُسَنُّ أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله سلم حين جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرَ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» (٥).

وظاهر كلام المؤلف أن صنع الطعام لأهل الميت سُنَّة مُطْلَقَة، ولكن السُّنَّة تدل على أنه ليس بسُنَّة مُطْلَقَة، وإنما هو سُنَّة لمن انشغلوا عن إصلاح الطعام بما أصابهم من المصيبة؛ لقوله: «فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ»، وأنتم تعرفون أن الإنسان إذا أُصِيبَ بمصيبة أصابته تمامًا انغلق ذهنه وفكره ولم يُصْلِح شيئًا، فلهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ».

<<  <  ج: ص:  >  >>