للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا المقصود بالتعزية أن نأتي إليه لنثير أحزانه، كما يفعل بعض الناس؛ يجيء يعزيه مثلًا بابنه ميت يقول: والله هذا الولد شاب صالح ( ... )، الحقيقة إنه ( ... ) على الموت، وما أشبه ذلك من الكلام، صحيح هذا موجود، وتلقى له أخ منحرف ربما يقول بعض الناس ( ... )، صحيح، أنا أقول شيئًا أسمع عنه، هل هذه تعزية؟ ما هي تعزية، هذه تزيد الإنسان.

ولما خرجوا بعقيل بن علي بن عقيل أحد الفقهاء الحنابلة، وكان هذا الولد طالب علم جيدًا، خرجوا به، وخرج الناس يعني احتفاءً به وقضاءً لحقه ولحق أبيه، قام رجل بأعلى صوته يقول: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِين} [يوسف: ٧٨]، شوف كيف؟ فزجره ابن عقيل رحمه الله وقال: يا هذا القرآن نزل لتسكين الأحزان لا لتهييج الأحزان، وكلامك هذا يهيج الأحزان، فنهاه.

فالتعزية ليست لأجل أن تهيِّج أحزانه وتُنَدِّمَه على ما حصل، التعزية أن تُقَوِّيَه على الصبر والتحمل، وما لفظها؟ أحسن لفظ للتعزية ما اختاره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أرسلت إليه إحدى بناته تقول إن عندها طفلًا، يعني محتضَرًا، فجاء الرسول إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال له يعني يحضر، فقال له: «مُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ، فَإِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى»، أو قال: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» (١٧)، شوف الكلام؟

<<  <  ج: ص:  >  >>