لكن هل يجوز أن يُحِدَّ في أمر يلحقه به ضرر، أو يلحق عائلته به ضرر، مثل أن يكون رجلًا مُتَّجِرًا، ولو عطَّل التجارة لتضررت كفايته؟ نقول: لا، هذا ليس مباحًا، فهو إما مكروه وإما مُحَرَّم.
يقول:(ويحرُم الندب، والنياحة، وشق الثوب، ولطم الخد، ونحوه)، (يحرم الندب)، الندب هو تعداد محاسن الميت، لكن بحرف النُّدْبَة وهي: وا، فيقول: وا سيداه، وا مَن يأتي لنا بالطعام والشراب، وا مَن يخرج بنا للنزهة، وا من يفعل كذا وكذا، هذا الندب، وإنما سُمِّيَ ندبًا كأن هذا المصاب نَدَبَهُ ليحضر، بحرف موضوع للندبة، وهي وا، كما قال ابن مالك في الألفية:
وأما النياحة فهي أن يبكي ويندب برنة تشبه نياحة الحمام؛ لأن هذا يُشْعِرُ بأن هذا الرجل أو هذا المصاب مُتَسَخِّط من قضاء الله وقدره، فلهذا ورد الوعيد الشديد على مَن فَعَلَ ذلك، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام:«النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ»(١)، نسأل الله العافية.
وإنما خص النائحة؛ لأن النياحة غالبًا في النساء لضعفهن، وإلا فالرجال مثلهن إذا ناحوا على الميت.
وكذلك يحرم شق الثوب، كما يجري من بعض المصابين يشقون ثيابهم، إما من أسفل، وإما من فوق، وكان من المعتاد عند بعض الناس أنه يشق جيبه هكذا، إشارة إلى أنه عجز عن تحمل الصبر على هذه المصيبة.
كذلك لطم الخد، كيف لطم الخد؟ يعني أن تلطم خد المصاب؟