الشيخ: حسن القصد لا يدل على كمال العلم، وكمال العلم لا يستلزم حسن القصد، فهؤلاء الذي ذكرت أنهم يدافعون عن السنة وينكرون البدعة وما أشبه ذلك لا يستلزم أن يكونوا أعلم ممن سبقهم، ولكن كوننا نطرح كلامهم ونقول: لا عبرة به هذا خطأ، بل نحن نقلدهم إلا فيما تبين لنا خلاف كلامهم، وإلا نحن نقلد الألباني، ونقلد ابن حجر، ونقلد من سواهم من الحفاظ، لكننا إذا تبين لنا الخطأ ما نقلدهم، إنما لو تعارض تصحيح إمام سابق على هؤلاء مع تضعيف هؤلاء للحديث، فنرجح من سبق؛ لأنهم أصفى ذهنًا وأوسع علمًا، وقد يصححون الحديث لأسباب لا يعلمها هؤلاء؛ مثل تلقي الأمة له بالقبول، وقد يضعفون الحديث لأسباب لا يعلمها هؤلاء؛ مثل شذوذه ونكارته وما أشبه ذلك، لكن بدون تعارض لا يجوز أن نطرح قول هؤلاء أبدًا، هؤلاء أئمة حفاظ معتبرون ونحن نقلدهم، لكن ليس معنى أننا إذا قلدناهم رأيناهم أنهم أعلم منا أن نقبل منهم كل خطأ وصواب، أو أن نعتقد أنهم معصومون من الخطأ، هذا ليس بصحيح.
طالب: شيخ، أقصد الآن لو عولنا على كلام الأئمة المتقدمين هذا فيه خير وبركة، لكن يواجه الطالب أحيانًا كلام المتقدمين يكون فيه شيء من التعارض؛ كفعل ابن عدي رحمه الله صاحب كتاب الكامل في الضعفاء يقول في الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني: ربما أنه صادق، وفي مرة أخرى يوثق الإمام عبد الرزاق، ويثبت أنه صادق، وأنه إمام، فأقصد كلام المتقدمين مع فهم المتأخرين من العلماء الجمع بين هذا طيب.
طالب آخر: مع طلبة العلم ما العلماء.
الشيخ: على كل حال، النزاع على القول لا على القاعدة، إنما نحن نرى فيما نرى أن المتقدمين أقرب إلى الصواب من المتأخرين، وأنه لو تعارض تصحيح الأولين وتضعيف الآخرين أو بالعكس أخذنا بقول الأولين ما لم نصل إلى درجة العلم الذي ينفي هذا أو هذا، أما إذا وصلنا إلى درجة العلم فليس لنا عذر عند الله، لا بد أن نأخذ بما بلغه علمنا.