وأما الثاني: -وهو أنه محرم أو غير محرم- فقد قال به بعض العلماء: إنه وإن كان سفره محرمًا يُعطَى، ولكن الصحيح أنه لا يُعطَى إلَّا إذا تاب، إذا تاب أعطيناه، وهو سهل؛ أن نقول له: تب إلى الله ونعطيك. فيستفيد بهذا فائدتين: الفائدة الأولى؟
طلبة: التوبة.
الشيخ: التوبة، والثانية: قضاء حاجته.
وقول المؤلف:(يُعطَى ما يوصله إلى بلده)، ظاهر كلامه أنه يُعطَى ما يوصله إلى غايةِ سفرِه، ثم رجوعِه، يعطى ما يوصله إلى غاية السفر ثم الرجوع، فإذا قدَّرْنا أنه رجل يريد أن يحج وهو من أهل القَصِيم عن طريق المدينة، وفي المدينة ضاعت نفقتُه، فهل نقول: الآن لا نعطيك من الزكاة إلَّا ما يردُّك إلى القصيم، أو نعطيه ما يوصله غاية مقصوده ثم يُرَجِّعُه؟
طلبة: الثاني.
الشيخ: الثاني هو المقصود؛ لأنه يَفُوت به غرَضُه إذا قلنا: ارجع.
فإن كان في رجوعه ( ... )
إذن كلام المؤلف يشمل القصيرَ والطويلَ، صح؟
طالب: نعم.
الشيخ: يعني على ظاهره: المحرم وغير المحرم، نقول: هكذا أيضًا قال بعض العلماء، وقالوا: إن السفر تثبُت به الرُّخَصُ ولو كان محرمًا، حتى إن له القصرَ والمسحَ ثلاثة أيام على الْخُفِّ، ولكن المذهب -وهو أصح خصوصًا في مسألة الزكاة- أن نقول له: تب ثم نعطيك. والأمر سهل، هذا خير له.
قال:(دون الْمُنْشِئ للسفر من بلده)؛ لأن المنشئ للسفر من بلده لا يَصْدُق عليه أنه ابنُ سبيل، لو قال: أنا محتاج أن أسافر إلى المدينة، وليس معه فلوس، فإننا لا نعطيه، لماذا؟ لا نعطيه بوصفه ابنَ سبيل؛ لأنه لا يصْدُق عليه أنه ابن سبيل، لكن إذا كان سفرُه إلى المدينة مُلِحًّا ضروريًّا وليس معه ما يسافر به فإنه يُعطَى من جهة أخرى، ما هي؟