الشيخ: مسنونة، ما هو الدليل؟ فيها دليل أثري ودليل نظري؛ أما الدليل الأثري فلأنَّ الله أثنى على المتصدقين، فقال:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}، إلى أن قال:{وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ}، وفي آخر الآية:{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب: ٣٥]، وقال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ}[البقرة: ٢٦١]، وقال تعالى:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}[البقرة: ٢٧٦].
والسُّنَّة طافحة كثيرة في الحث على الصدقة، ومنها:«أَنَّهُ مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَصَدَّقُ مِنْ طَيِّبٍ بعِدْلِ تَمَرَةٍ إلَّا أَخَذَهَا اللهُ تَعَالَى بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لِأَحَدِكُمْ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ»(٥)، عِدْل تمرة يأخذها الله عز وجل بيمينه ويربِّيها للمتصدِّق حتى تكون مثل الجبل، ويقول عليه الصلاة والسلام:«كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(٦)، ويقول:«الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ»(٧)، ويقول:«إِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ»(٨)، والأحاديث في هذا كثيرة مشهورة، ولكن تتأكد في زمان، وفي مكان، وفي أحوال؛ ففي الزمان قال المؤلف:(وفِي رمضان أفضل).
طالب: الدليل النظري يا شيخ.
الشيخ: نعم، أحسنت، الدليل النظري أن في الصدقة دَفْع حاجة الفقراء، والتَّخَلُّق بأخلاق الفضلاء الكرماء، وأنها من أسباب انشراح الصدر، وجرِّبْ تَجِدْ؛ فإن الكرماء إذا أنفقوا وتصدَّقوا تنشرح صدورهم، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد عشر فوائد لها -للصدقة- فمن أرادها فليرجع إليها.