إذن القياس الصحيح أنه كما يختلف المسلمون في الإمساك والإفطار اليومي يجب أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري إذا اختلفت المطالع، وبناء على هذا القول لو رآه أهل المغرب -أي الهلال- ولم يره أهل المشرق لم يلزمهم الصوم، ولو رآه أهل المشرق ولم يره أهل المغرب لزمهم الصوم.
طالب: ما يصير.
الشيخ: كيف ما يصير؟ نعم هو حقيقة ما يصير، متى رآه أهل المشرق والخط واحد فلا بد أن يراه أهل المغرب؛ لأنه إذا رُئي متأخِّرًا عن الشمس في المشرق فإنه لا يزداد في مسير الشمس إلَّا تأخُّرًا، وإذا رُئي خَفِيًّا في المشرق فسوف يُرى في المغرب ظاهرًا قويًّا، ولا يمكن أن يُرى في المشرق ثم يقول أهل المغرب: ما رأيناه، أبدًا، بل إحدى الدَّعْوَيَيْنِ كاذبة، إما أن المشرق لم يروه، وإما أن المغرب قد حُجِب عنهم، أمَّا أن يقول المشرق: رأيناه ثم يقول أهل المغرب: ما رأيناه فهذا لا يمكن، أليس كذلك؟
لكن لو قال أهل المغرب: رأيناه، وقال أهل المشرق: لم نره؟
طلبة: احتمال، يمكن.
الشيخ: صحيح، هذا يمكن.
إذن القول الراجح على هذا أنه إذا اختلفت مطالع الهلال لم يلزم مَنْ خالفت مطالعهم مطالع الرائين أن يصوموا أو أن يُفطِروا.
القول الثالث في المسألة: أن الناس تبعٌ لإمامهم، إذا صام صاموا، وإذا أفطر أفطروا، فإذا كان تبع المملكة أو الإمارة إذا ثبت في بلد الأمير رؤية الهلال لَزِم جميع مَنْ ينتسب لهذا الأمير أن يصوم.
وعلى هذا فلو كانت الخلافة عامة لجميع المسلمين فرآه الناس في بلد الخليفة، ثم حكم الخليفة بالثبوت لَزِم جميع من تحت ولايته في مشارق الأرض ومغاربها يصوم أو يفطر؛ لئلَّا تختلف الأُمَّة وهي تحت ولاية واحدة، فيحصل التنازع والتفرُّق.