ولكن هل يُعاقَب على تركها في الآخرة؟ الجواب: نعم، يعاقب على تركها في الآخرة، وعلى ترك جميع واجبات الدين؛ لأنه إذا كان المسلم المطيع لله الملتزم لشرعه يعاقب عليها، فالمستكبر من باب أولى، وإذا كان الكافر يعذب على ما يتمتع به من نِعم الله من طعام وشراب ولباس، ففعل المحرمات وترْك الواجبات من باب أوْلى، هذا بالنظر للقياس، أما بالنظر للنص، فقد قال الله تعالى عن أصحاب اليمين أنهم يقولون للمجرمين: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: ٤٢ - ٤٦]، فهذا هو الذي أدخلهم في سقر.
فإن قال قائل: تكذيبهم بيوم الدين كُفر، وهو الذي أدخلهم في سقر؟
قلنا: لكنهم ذكروا أربعة أشياء، ولولا أن لهذه المذكورات، مع التكذيب بيوم الدين أثر في إدخالهم النار لم يكن لذكرها فائدة، ولولا أنهم عُوقبوا عليها ما جرت على بالهم.
إذن فالكافر لا يُؤمر بالصوم حال كفره، ولا يُقبل منه لو صام، ولكنه يُعذَّب عليه في الآخرة.
قال:(مُكلَّف) وإذا رأيت كلمة (مكلف) في كلام الفقهاء فالمراد بها البالغ العاقل؛ لأنه لا تكليف مع الصغر، ولا تكليف مع الجنون، والبلوغ يحصل بواحد من أمور ثلاثة بالنسبة للذكر: تمام خمس عشرة سنة، إنبات العانة، إنزال المني بشهوة، وللأنثى بأربعة أشياء هذه الثلاثة، ورابع وهو.
طالب: الحيض.
الشيخ: الحيض، فإذا حاضت فقد بلغت ولو لم يكن لها إلا عشر سنين.