للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا واضح أنهم قادرون على الصوم، لكنهم مخيرون بين الفدية والصوم، وهذا في أول الأمر، أول ما نزل وجوب الصوم كان الناس مخيَّرين فيه، إن شاؤوا صاموا، وإن شاؤوا أطعموا، كما ثبت في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، لكن غور فقه ابن عباس رضي الله عنهما عجيب، هذا في الحقيقة يدل على عمق فقهه رضي الله عنه؛ لأن وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى جعل الفدية عديلًا للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عديله وهو الفدية، وهذا في الحقيقة من غور فقهه رضي الله عنه ورسوخ علمه، وإلا فالإنسان إذا قرأ الآية ما فيها تعرُّض لمن لا يطيق بل فيها لمن يطيق، لكن هذا وجه الدلالة، فصار العاجز عجزًا لا يرجى زواله، الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكينًا، ولكن كيف الإطعام؟ ومتى؟

أما كيفيته، فله كيفيتان:

الكيفية الأولى: أن يصنع طعامًا فيدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه، كما كان أنس بن مالك يفعله حين كبر رضي الله عنه.

الكيفية الثانية: أن يُطعمهم طعامًا غير مطبوخ، قالوا: في هذه الحال يُطعمهم مُد بُرٍّ أو نصف صاع من غيره؛ أي: من غير البر، ومد البر رُبع الصاع النبوي، خمس الصاع الحالي عندنا في القصيم، فالصاع النبوي أربعة أمداد، والصاع النبوي أربعة أخماس صاعِنا، وعلى هذا فيكون صاعنا، كم؟

طالب: ( ... ).

الشيخ: خمسة أمداد، يكون خمسة أمداد، فيُجزئ من البُرِّ عن خمسة أيام لخمسة مساكين، لكن ينبغي في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدِّمه من لحم أو نحوه، حتى يتم قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، هذه الكيفية.

أما متى؟ فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخَّر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>