وسبق أنه لا بد فيه من أن يكون في مسجد تقام فيه الجماعة إذا كان المعتكف ممن تلزمه الجماعة، وأما إذا كان ممن لا تلزمه فإنه يصح في كل مسجد، ولهذا قال المؤلف:(إلا المرأة ففي كل مسجد) يصح أن تعتكف في كل مسجد، وإن كان لا تُقام فيه الجماعة، وفي هذا إشارة إلى أن النساء يُسَن لهن الاعتكاف، وهو كذلك، ولكن يُشترط فيه أن لا يلزم منه فتنة، فإن لزم منه فتنة فإنه يمنع؛ لأن الشيء المستحب إذا ترتب عليه ممنوع وجب أن يُمْنَع، كالشيء المباحِ إذا ترتب عليه ممنوع وجب أن يُمْنَع.
قال:(سوى مسجد بيتها) فلا يصح اعتكافها فيه ومسجد بيتها هو المكان الذي اتخذته مصلى، وكان الناس فيما سبق يتخذون مصليات في بيوتهم، تصلي فيها النساء يجعلون حجرة معينة خاصة تصلي فيها النساء، هذا المصلى لا يصح الاعتكاف فيه؛ لأنه ليس بمسجد حقيقة ولا حكمًا، ولهذا لا يعتبر وقفًا، فلو بيع البيت بما فيه هذا المصلى فالبيع صحيح، ولو دخل أحد البيت، وقال: أنا أريد أن أصلي في هذا المكان؛ لأنه مصلى كالمساجد، لا تمنعوني من مساجد الله، قلنا له: نمنعك؛ لأن هذا ليس بمسجد، ولو لبثت المرأة فيه وهي حائض فلا بأس، ولو بقي فيه الإنسان وهو جنب فلا بأس، ولو دخله وجلس فيه بلا ركعتين فلا بأس.
ومثل ذلك المصليات التي تكون في المكاتب الآن، مكاتب الأعمال الحكومية فيها مصليات هذه المصليات لا يثبت لها حكم المسجد، وكذلك مصليات النساء في مدارس البنات لا يعتبر لها حكم المسجد، فيجوز فيها البيع والشراء ويجوز فيها بقاء الإنسان على جنابة وهكذا؛ لأنها ليست مساجد حقيقة، ولا حُكمًا.
قال:(سوى مسجد بيتها) إذن نقول: المصليات الْمُعَدَّة في البيوت أو في المكاتب لا تُعتبر مساجد ولا يثبت لها حكم المساجد.