نقول: إن كان يريد الحج أو العمرة، أو كان الحج أو العمرة فرضه، يعني: لم يؤدِّ الفريضة من قبل، فإنه يلزمه أن يحرم. ودليل اللزوم لفظ حديث ابن عمر، قال:«يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ»، أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال: وَقَّتَ النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة (١)، (وَقَّتَ)؛ لكن حديث ابن عمر:«يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ»؛ «يُهِلُّ»، وكلمة «يُهِلُّ» خبرٌ بمعنى الأمر، فلا بد أن يحرموا من هذه المواقيت، إذا كان الإنسان يريد الحج أو العمرة، أو كان الحج أو العمرة فرضه.
إذا كان يريد الحج أو العمرة واضح؛ لأن لفظ الحديث:«مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ»، لكن إذا كان النسك فرضه، وهو لا يريد أن يحج أو لا يريد أن يعتمر، نقول: يلزمك؛ لأن الحج والعمرة واجبان على الفور، وأنت الآن وصلت، فلا يجوز أن تؤخر، لا بد أن تُحرم بالحج أو بالعمرة. أما إذا كنت قد أديت الفريضة ومررت بهذه المواقيت لا تريد حجًّا ولا عمرة، فليس عليك إحرام، سواءٌ طالت مدة غيبتك عن مكة أم قصرت، حتى لو بقيت عشر سنوات وأتيت إلى مكة لحاجة وقد أديت الفريضة، فإنه ليس عليك إحرام.
هذا هو القول الصحيح الذي تدل عليه السُّنَّة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن الحج: هل هو في كل عام؟ فقال:«الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ»(٧)، ولم يقل: إلا أن يمر بالميقات، ولو كان المرور بالميقات موجبًا للإحرام لبيَّنه الرسول عليه الصلاة والسلام لدعاء الحاجة إلى بيانه، فلما قال:«الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» ولم يستثنِ، عُلِمَ أن المرور بالميقات ليس سببًا للوجوب.
ولكن هل الأفضل أن يحرم ويؤدي العمرة أو يؤدي الحج إذا كان وقته؟