قلَّم ظفر يد وظفر رجل، شيء واحد، وإن تعدد الْمَحَلّ، كما لو لبس خفين وسراويل وقميصًا، فإنها شيء واحد، وكما لو طَيَّبَ يده ورأسه وصدره مثلًا فإنه شيء واحد، يعني: معناه تعدُّد الْمَحَلّ لا يؤثر شيئًا ما دام الجنس واحدًا.
قال المؤلف:(وَلَمْ يَفْدِ)، فعُلِمَ من كلامه أنه لو فدى عن الأول فدى عن الثاني؛ لأن الأول انتهى، وبرئت ذمته منه بفديته، فيكون الثاني تجديدًا.
وقوله:(بخلاف صيد) يعني: فإنه يتعدد بعدده، حتى ولو برمية واحدة، فإذا رمى رمية واحدة وأصاب خمس حمامات، فإن عليه خمس فدى، لا يقول: إن الفعل واحد والمحظور واحد؛ لأن الله اشترط في جزاء الصيد أن يكون مثله، والمماثلة تشمل الكمية والكيفية، فلو قدَّرْنا أنه فدى بشاة واحدة عن الخمس لم يكن أتى بمثلها، وهذا وجه استثناء الصيد؛ أن الله سبحانه وتعالى اشترط المماثلة، والمماثلة تشمل المماثلة كمًّا وكيفًا.
(ومَن فَعَلَ محظورًا من أجناس فَدَى لكلٍّ مرة)، مَن فعل محظورًا من أجناس مثل: أن يلبس القميص ويطَيِّب رأسه، وما أشبه ذلك، ويحلق ويقلِّم، هذه أربعة أجناس، فعليه أربع فِدًى، ولهذا قال:(ومن فعل محظورًا من أجناس فَدَى لكلٍّ مرةً) فدى لكلِّ واحد مرةً، وإن كرر أكثر وفدى أعاد الفدية أيضًا.
قال المؤلف:(رفض إحرامه أو لا) يعني: سواء فعل المحظور بعد أن رفض الإحرام، ونوى الخروج أم لا.
وأشار إليه المؤلف هنا؛ لأن بعض العلماء يقول: إذا رفض إحرامه ارتفض وحَلَّ.
ولكن الصحيح ما قاله المؤلف؛ أن الإنسان يبقى على إحرامه ولو رفضه، اللهم إلا أن يكون غير مكلَّف، كالصغير، فإن الصغير إذا رفض إحرامه حل منه؛ لأنه ليس أهلًا للإيجاب.
وقوله:(رفض إحرامه أو لا) يعني أم لم يرفضه، ظاهره أنه لا شيء عليه برفضه، وأن وجود هذا الرفض وعدمه على حد سواء، وهذا هو الصحيح.