للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك الطيب، لو تَطَيَّب وهو محرِم ناسيًا فلا شيء عليه، لكن عليه إذا ذكر أن يبادر بغسله، وفي هذه الحال، أي في حال غسله إياه، لا شيء عليه، مع أنه سيباشره؛ لأن هذه المباشرة للتخلص منه لا لإقراره، والتحرك في الشيء للتخلص منه لا يعتبر ذلك حرامًا، أرأيت لو أن شخصًا غصب أرضًا وسكن فيها، أتى بأثاثه وسيارته وأولاده وسكن، ثم جاءه رجل وَعَظَهُ، فقال: باسم الله مشينا، مدة مشيه في هذه الأرض هل يؤاخذ به؟ لا؛ لأنه إنما تحرك للتخلص.

لكن لو قام من مكانه يتمشى في الأرض هل يأثم بذلك؟ نعم؛ لأنه لم يحاول التخلص.

أيضًا الرجل يستنجي بالماء فيباشر النجاسة بيده ولا يأثم بهذا، لماذا؟ لأنه إنما يفعل ذلك للتخلص منها.

فالطِّيب الذي يغسله المحرِم إذا تطيَّب ناسيًا ثم ذَكَرَ، نقول: اغسل الطِّيب، قال: كيف أغسله، إذن معناه: أُبَاشِر الطِّيب؟ قلنا: نعم، تباشر الطِّيب لكن تخلَّص منه.

في اللباس قلنا: يجب عليه أن يخلعه، لكن سبق لنا مشكلة في هذا، ما هي؟ أنه إذا حاول خلعه غطى رأسه.

قال بعض العلماء: يوسِّع الجيب شوي وينزله من أسفل، وقلنا فيما سبق: الصحيح أنه ليس بلازم، وأن هذه التغطية عابرة للتخلص من هذا اللباس.

(وتغطية رأس) يسقط بنسيان فدية تغطية الرأس، لو غطى رأسه ناسيًا وهو مُحْرِم فلا شيء عليه، ولكن متى ذكر وجب عليه كشفه.

النوم مثله، لو أن الإنسان وهو نائم غطى رأسه هل عليه فدية؟ لا؛ لأنه مرفوع عنه القلم، لكن متى استيقظ وجب عليه كشفه.

ما هو الدليل على سقوط هذه الأشياء بالنسيان، والجهل، والإكراه؟

الدليل قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، فقال الله: قد فعلت.

وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>