فيه دليل، لا، فيه تعليل، لكنه تعليل سيتبين أنه عليل، فنقول: سبحان الله! الحاكم في عباده وبين عباده يقول: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥]، ونحن نقول: مَن قتله متعمدًا وغير متعمد فجزاء مثل ما قتل من النعم، هل يمكن هذا؟ لا يمكن!
و(متعمد) وصف مناسب للحكم، فوجب أن يكون معتبرًا؛ لأن الأوصاف التي عُلِّقَت بها الأحكام إذا تبين مناسبتها لها صارت عِلَّة موجِبة، يوجد الحكم بوجودها، وينتفي بانتفائها، وإلا لم يكن للوصف فائدة.
إذن فنحن نقول هذا القول؛ بأنه لا فرق بين العامد والجاهل والناسي والْمُكْرَه، قول مخالف للقرآن:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا}، وهذا نص في الموضوع، يعني لو أننا استدللنا بقوله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} لقال قائل: يمكن أن هذا العموم يُخَصَّص، لكن الآن فيه دليل خاص على أن الصيد إذا لم يكن فيه تعمد فلا جزاء.
ما الجواب عن تعليلهم؟
الجواب عن تعليلهم أن الإتلاف الذي يستوي فيه العمد وغيره هو ما كان في حق الآدمي، أما ما كان في حق الله الذي أسقطه عز وجل تفضلًا منه وكرمًا، فهل نحن أعلم بالله في حقه من الله؟ أبدًا، فإذا كان الله قد أسقطه كيف نُلْزِم العباد به؟ ولهذا كان القول الراجح أن مَن سَبَّ الله ثم تاب لا نقتله، ومَن سَبَّ الرسول ثم تاب قتلناه، ليش؟ لأنا نعلم أن الله عز وجل قد عفا عن حقه، وأما الرسول فلا نعلم.
(وتقليم) أيضًا التقليم لا يسقط بالنسيان والجهل والإكراه.
لا بد أن نصور مسألة الصيد.
النسيان: رجل رأى الصيد، وكان مشغوفًا بالصيد، فنسي، فأخذ البندق ورمى الصيد، فسقط ما شاء الله من الصيد، فعلى المذهب عليه الفدية.