والصحيح أن جميعها تسقط، وأن المعذور بجهل أو نسيان أو إكراه لا يترتب على فعله شيء إطلاقًا، لا في الجماع، ولا في الصيد، ولا في التقليم، ولا في لبس المخيط، في أي شيء، وذكرنا في أول الدرس الدليل من القرآن والسنة والنظر، ولا حاجة إلى إعادته؛ لأنه واضح.
وهكذا نقول: في جميع المحظورات في العبادات لا يترتب عليها الحكم إذا كانت مع الجهل أو النسيان أو الإكراه؛ لعموم النصوص، ولأن أصل الجزاء أو الفدية أو الكفارة أصله لفداء النفس من المخالفة، أو للتكفير عن الذنب، والناسي والجاهل هل تعمَّد المخالفة؟ أبدًا ما تعمَّد المخالفة، ولهذا لو كان ذاكرًا ما فعل.
الشرب في رمضان نسيانًا ليس فيه قضاء، صح؟
طالب:( ... ).
الشيخ: الدليل: حديث أبي هريرة: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»(٢).
هذا الذي نسي لو قال له قائل: أنا أريد أن تشرب وأنت ذاكر أن اليوم من رمضان وأنك صائم، يأبى أو يوافق؟
طلبة: يأبى.
الشيخ: يأبى أشد الإباء، إذن الناسي لم يتعمد المخالفة، لم يتعمد مخالفة الله ورسوله، فليس بعاصٍ، وإذا انتفت المعصية انتفت الفدية والكفارة، وكيف يفدي الإنسان نفسه من شيء لا شيء؟ أليس كذلك؟
إذن القول الراجح أن جميع المحظورات في جميع العبادات إذا فعلها الإنسان ناسيًا أو جاهلًا أو مُكْرَهًا فلا شيء عليه، معاوية بن الحكم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فعطس رجل من القوم، فقال: الحمد لله، العاطس قال: الحمد لله، معاوية رضي الله عنه يعلم أن تشميت العاطس إذا حمد واجب، قال: يرحمك الله، وهو يصلي، يرحمك الله، يخاطبه، إذن الكلام كلام آدمي ولّا لا؟
طالب:( ... ).
الشيخ: فرماه الناس بأبصارهم، يعني نظروا إليه منكِرين أو مُقِرِّين؟