(تجزئ عنها) أي: عن البدنة بقرة، إذن ما هي البدنة؟ البدنة هي البعير، قال الله تعالى:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ}[الحج: ٣٦]، وهذا لا يكون إلا في الإبل، البقرة تجزئ عن البدنة، فسُبْع البدنة والبقرة سواء، مع أنك لو نظرت إلى كبر الجسم وكثرة اللحم لرأيت أن البدنة أكبر وأكثر نفعًا، لكن هذه المسائل مسائل تعبدية لا يُرْجَع فيها إلى القيمة التي بين الناس؛ لقول الله تعالى:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}[الحج: ٣٧].
وقول المؤلف:(أو سُبْع بدنة، وتجزئ عنها بقرة) ظاهره ولو في جزاء الصيد، فمن قتل حمامة فالواجب عليه شاة، هل يجوز أن يجعل بدل الشاة سُبْع بدنة أو بقرة كلام المؤلف ظاهره الجواز، والصواب عدم الجواز في جزاء الصيد.
ووجه أن ذلك هو الصواب أن جزاء الصيد يشترط فيه المماثلة، وسُبْع البدنة لا يماثل الحمامة، فلا يجزئ عنه، فالصواب أن جزاء الصيد لا يجزئ فيه سُبْع البدنة أو البقرة، وذلك لأن الله اشترط فيه المماثلة، قال:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥]
وليعلم أن سُبْع البدنة أو البقرة يجزئ عما تجزئ عنه الشاة، وعلى هذا فلو ضحَّى به الإنسان عن نفسه وأهل بيته لأجزأ خلافًا لما فهمه بعض طلبة العلم؛ من أن سُبْع البدنة لا يشرك فيه، وإنما يجزئ عن واحد فقط، فإن هذا وَهْم وليس فهمًا صحيحًا، لا عما جاء في السنة، ولا عما جاء في كلام العلماء؛ لأن التشريك في الثواب لا حصر له، وتشريك الملك هو الذي يُحْصَر، تشريك الملك في البدنة والبقرة كم؟