الرابع: أن مَن أدخلها -أي: المدينة- صيدًا من خارج الحرم فله إمساكه، ولا يلزمه إزالة يده المشاهدة، وعلى هذا تحمل قصة أبي عمير الذي كانت معه طير صغير يلعب به يقال له: النُّغَيْر، فمات هذا الطير، فحزن الصبي لموته، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهذا الصبي -من باب الممازحة-: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ»(٨). وهذا الحديث استدل به من يرى أنه لا يحرُم صيد حرَم المدينة؛ قال: لأن الرسول أقر هذا الصبي.
والذين حرَّمُوه وهم الجمهور قالوا: إن هذا يُحْمَل على أن هذا النُّغَيْر أيش؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: جلب إلى الحرَم، وليس من صيد الحرم.
الخامس: أن حرم مكة يحرُم فيه قطع الأشجار بأي حال من الأحوال إلا عند الضرورة، وأما حرم المدينة فيجوز ما دعت الحاجة إليه، كالعلف وآلة الحرث، وما أشبه ذلك.
السادس: أن حشيش وشجر حرم مكة فيه الجزاء على المشهور من المذهب، وأما حرم المدينة فلا جزاء فيه.
[باب ذكر دخول مكة]
ثم قال المؤلف –رحمه الله-: (باب: ذكر دخول مكة).
يقول -رحمه الله- في الشرح:(وتستحب المجاورة بمكة وهي أفضل من المدينة)، مكة أفضل من المدينة بلا شك، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام حين أخرج منها:«إِنَّكِ لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»(٩).
ولكن ذهب بعض العلماء إلى أن المجاورة في المدينة أفضل من المجاورة في مكة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على سكنى المدينة أكثر من حثه على سكنى مكة، وقال:«الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»(١٠).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: المجاورة في أي بلاد يقوى فيها إيمانه وتقواه أفضل من غيرها؛ لأن ما يتعلق بالعبادات والعلوم والإيمان أحق بالمراعاة مما يتعلق بالمكان.