للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (يبتدئ المعتمر بطواف العمرة) ظاهره أنه لا يصلي تحية المسجد، وهو كذلك، فإن مَن دخل المسجد الحرام للطواف أغناه الطواف عن تحية المسجد، ومَن دخله للصلاة أو الذِّكْر أو القراءة أو ما أشبه ذلك فإنه يصلي ركعتين، كما يصلي إذا دخل أي مسجد آخر.

قال: (والقارِن والمفرِد للقدوم) يعني: يطوف القارِن والمفرِد للقدوم، وليس هذا بواجب، أعني طواف القدوم.

ودليل ذلك حديث عروة بن مضرس: أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي الفجر في مزدلفة، وأخبره أنه ما ترك جبلًا إلا وقف عنده، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ» (١٩)، ولم يذكر طواف القدوم، فدل هذا على أنه ليس بواجب.

وسُمِّيَ طواف القدوم؛ لأنه جاء عند قدوم الإنسان إلى مكة، ولهذا ينبغي أن يبتدئ الإنسان به قبل كل شيء قبل أن يحط رحله؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة عمد إلى البيت وأناخ راحلته وطاف.

ولكن إذا شق على الإنسان هذا العمل، وأراد أن يذهب إلى مكان سكناه، ويحط رحله فلا حرج، المسألة مبناها على السنية فقط.

قال: (فيحاذي الحجر الأسود بكله).

(يحاذي) أي: يوازي، يكون حذوه، الحجر الأسود هو الذي في الركن الشرقي الجنوبي من الكعبة، ويوصف بالأسود لسواده، ويخطئ من يقول: الحجر الأسعد، فإن هذه تسمية بدعية، فإن اسمه الحجر الأسود.

ويُذْكَر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نزل من الجنة أشد بياضًا من اللبن، ولكنه سوَّدَتْه خطايا بني آدم (٢٠)، فإن كان الحديث صحيحًا فلا غرابة فيه أن يكون نازلًا من الجنة، وإن لم يكن صحيحًا -وهو الأقرب أنه ضعيف- فلا إشكال فيه.

قال: (ويحاذي الحجر الأسود بكله).

<<  <  ج: ص:  >  >>