للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالب: ( ... ) الدعاء.

الشيخ: أنا حافظه: (ويُكثِر الدعاءَ ومِمَّا وَرَدَ)؛ يعني (مِن) هنا للجنس؛ يعني يكون دعاؤه مِمَّا وَرَدَ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو يُكثر الدعاءَ بما يريد ومِمَّا وَرَدَ، أو يُكثر الدعاءَ بما وَرَدَ؛ أي: بالذي وَرَدَ، والمعنى متقارِبٌ، المهم أنَّه ينبغي للإنسانِ أنْ يُكثر من الدعاء ومن الذِّكر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُهُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» (٥).

فإنْ قال قائل: الوقت طويلٌ، ولا سيَّما في أيام الصيف، وربما يَلْحق الإنسانَ مللٌ؛ لأنه لو بقي يدعو من صلاة الظُّهر -يعني جمْع تقديم- إلى الغروب لَحِقَه المللُ، فهل اشتغاله بغير الدعاء والذِّكر جائز؟

نقول: نعم، وربما يكون مطلوبًا إذا كان وسيلةً للنشاط، والإنسانُ بَشَرٌ يَلْحقه المللُ، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم لا نَصِل إليه أو لا نكون مِثْله ولا قريبًا منه بالنسبة لتحمُّله للعبادة؛ فقد كان يقوم في الليل حتى تتورَّم قدماه وتتفطَّر قدماه عليه الصلاة والسلام (٦)، ونحن لا نُطيق هذا.

على أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام خطبَ بعد الزوال، وليس بعد الزوال مباشرةً؛ لأنه لَمَّا زالت الشمسُ كان في نَمِرة، فأَمَر بناقته فرُحِلَتْ له، ثم سار على الإبل حتى أتى بطْنَ الوادي ونَزَلَ وخَطَبَ الناسَ خُطبةً طويلةً مفيدةً، ثم أَمَر بلالًا فأذَّنَ ثم أقامَ، فصلَّى الظهر ثم العصر، ثم ركبَ حتى أتى الموقِف (٣)، والموقف من بطنِ عُرَنة طويلٌ بعيدٌ، في ظَنِّي والعِلم عند الله أنَّه سيكون المدة ساعتين أو قريبًا من ذلك بعد الزوال، ثم وقف هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>