للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمستحق للحمد المطلق من هو؟ الله، هو المحمود على كل حال، له الحمد المطلق؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أصابته السَّراء قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ»، وإن أصابته الضراء قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» (٢).

فالذي له الحمد المطلق هو الله عز وجل، لا يستحقه أحد سواه، أما غيره فيحمد على أشياء خاصة معينة، ما هو على كل حال.

وأيضًا هي للاختصاص؛ يعني أن الذي يختص بالحمد المطلق الكامل هو الله، فهو المستحق له، المختصُّ به.

(حمدًا لا ينفد) (حمدًا) مصدر، والعامل فيه المصدر قبله، فهو مصدر معمول لمصدر، وقد سبق لنا: أن المصدر المحلى بـ (أل) يعمل مطلقًا، (حمدًا) هذه مصدر مؤكد لعامله، من أين عرفنا أنه مؤكد؟ لأنه إذا جاء المصدر بلفظ الفعل أو معناه فهو مؤكد، مثل {كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤].

لكنه مع ذلك كلمة (حمدًا) مع كونه مؤكدًا وُصِفَ بقوله: (لا ينفد)، فيكون أيضًا بصفته مبينًا لنوع الحمد، وأنه حمد لا ينفد، بل هو دائم، والرب عز وجل سبحانه وتعالى مستحق للحمد الذي لا ينفد؛ لأن كمالاته لا تنفد، فكذلك الحمد -الذي هو وصفه بالكمالات- لا ينفد.

وليس المعنى: لا ينفد مني قولًا، لا؛ لأنه ينفد منه قولًا، كيف ذلك؟ يموت، أو يتشاغل بغيره، لكن المعنى: أن الله مستحقٌ للحمد الذي لا ينفد، باعتبار ذلك منسوبًا إلى الله عز وجل فهو لا ينفد.

(أفضل ما ينبغي أن يحمد) أفضل ما ينبغي صفة لـ (حمدًا)، فيكون وَصَفَ الحمدَ -رحمه الله- بوصفين:

الاستمرارية في قوله: (لا ينفد).

وكمال النوعية في قوله: (أفضل ما ينبغي أن يحمد) أي: ما يستحق أن يحمد؛ يعني: أفضل حمد يستحق أن يحمده، وعلى هذا فتكون (ما) نكرة موصوفة؛ يعني: أفضل حمد ينبغي أن يُحمدَه سبحانه وتعالى، فوصف الحمد هنا بالاستمرارية وبكمال النوعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>