ما معنى (تَرَك الإحرام)؟ يعني مَن لم يلبس الثياب؛ مَن لم يلبس الإزار والرداء؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، (مَن تَرَكَ الإحرامَ) يعني النيَّة؛ أي: نيَّة الدخول في النُّسُك، فإنَّه لا ينعقد نُسُكه، حتى لو طافَ وسعى فإنَّ هذا العمل لاغٍ؛ كما لو تَرَك تكبيرةَ الإحرام في الصلاة، لو تَرَكها وأتمَّ الصلاة بالقراءة والركوع والسجود والقيام والقعود لكنَّه لم يُكَبِّر للإحرام فصلاتُه لاغية لم تنعقِدْ أصلًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(٣) وهذا الرجل لم يَنْوِ الدخولَ في النُّسُك فلا يكون داخلًا فيه.
ولكن تصوير هذه المسألة قد يكون صعبًا يا جماعة؛ كيف نقول لرجلٍ اغتسَلَ عند الميقات في الميقات، ولبس ثيابَ الإحرامِ، وصلَّى ركعتينِ، ولَبَّى، ونقول: إنه لم يَنْوِ؟ ! هذا من أَبْعَدِ البعيدِ، لكن المسألة فرضية؛ إذا قُدِّر أنَّ شخصًا فَعَلَ جميع ما يتعلَّق بالنُّسُك إلَّا أنَّه لم يَنْوِ فإنَّه لا ينعقد نُسُكه، وكلُّ أفعاله ذهبتْ هَدَرًا، وإلَّا من المعلوم أنَّ الإنسان إذا فَعَلَ أفعالَ العبادةِ لا بُدَّ أنْ يكون قد نواها.
وذكروا عن ابن عَقيل -عليِّ بن عَقيل، مِن أصحاب الإمام أحمد؛ يعني مِن أتباعه- أنَّ رجُلًا جاءه وقال له: يا سيدي، تُصيبني الجنابةُ، فأذهبُ إلى دِجلة فأغتسل؛ أنغمِسُ فيها ثم أخرج، وأرى أني لم أكنْ يرتفع حَدَثي. فقال له ابن عقيل: لا تُصَلِّ. قال: لا أُصلي! سبحان الله! أنا ما اغتسلتُ إلا للصلاة. قال: لا تُصَلِّ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ»(٢٥)، وأنت مجنون؛ تذهب وتخلع ثيابك وتنغمس في الماء ثم تقول: ما نويتُ. هذا معقول؟ ! ليس بمعقول.