لو قال: أقِفُ يوم العيد أقضي، وأنا أسعدُ بالدليل منكم؛ أنا ناسٍ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(٢٦)، وأيُّما أَوْكَد الصلاة أو الحج؟ نقول له.
طلبة: الصلاة.
الشيخ: الصلاة. قال: إذَنْ نسيت أن اليوم تسعة، فأقف يوم عشرة. قلنا: لا يُجزئ. قال: هذا قياسٌ صحيحٌ، أنتم الآن أقررتم بأن الصلاة أَوْكد، فإذا كان يصح قضاءُ الصلاة فلْيصِحَّ قضاءُ الوقوف بعرفة. ماذا نقول له؟
نقول: هذا قياسٌ فاسدُ الاعتبارِ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«مَنْ أَتَى لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ الصُّبْحِ فَقَدْ أَدْرَكَ»(٤)، مفهومه: مَن أتى بعد الصبح فإنه لم يُدركْ. وهذا نصٌّ، فلا يُقاس مع وجود النص، إذنْ (مَنْ تَرَك رُكنًا لم يتمَّ نُسُكُهُ إلا به)، لكن إنْ كان الركن يفوت، ولا يصح التمثيل إلَّا بالوقوف فقط، فإنه في هذه الحال أيش؟ يفوته الحجُّ، وسيأتينا إن شاء الله باب الفوات والإحصار.
طيب، وقوله:(أو نِيَّتَهُ)، ما هو الركن الذي يُشترط له نيَّة؟ هو الطواف والسعي، أمَّا الوقوف عند الفقهاء فإنه لا يُشترط له النية، والطوافُ والسعيُ تشترط له النية.
والصحيح أن الطواف والسعي لا تُشترط له النية؛ لأن الطواف والسعي جزءٌ من عبادةٍ مكوَّنةٍ من أجزاء، فتكفي النية في أولها كالصلاة؛ بدليل أنَّ المصلِّي هل يُشترط أن ينوي الركوع؟ أجيبوا.
طلبة: لا.
الشيخ: ولا السجود، ولا القيام، ولا القعود، فليس الطوافُ شيئًا مستقلًّا، الطواف رُكنٌ في عبادةٍ فلا تُشترط له النية كأيش؟ كالركوع في الصلاة.