أن يُقَلِّد في عنق البهيمة شيئًا يدل على أنها للفقراء، قالوا: مثل أنها قطع النعال القديمة، أو قطع القرب القديمة، أو الثياب الخلقة حتى يعرف من رآها أنها للفقراء؛ هدي.
وأما الإشعار فإن الإشعار هو أن يشق سنام البعير حتى يخرج الدم ويسيل على الشعر، فإن من رآه يعرف أن هذا مُعَدٌّ للنحر.
فالآن نقول: الهدي يتعين بالقول وبالفعل مع النية؛ القول قوله: هذا هدي، والفعل الإشعار أو التقليد مع النية، يكون هديًا بذلك، ويترتب على التعيين وعدمه مسائل ستذكر فيما بعد.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه إذا اشتراه بنية الأضحية أو بنية الهدي أنه يكون هديًا أو يكون أضحية، وأنه لا يُشْتَرط لذلك لفظ؛ لأن المقصود أن يتعين هذا أضحية أو هديًا وهذا يحصل بالنية لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لُكِلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١٦).
ولكن الأظهر ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله المشهور من المذهب أنه لا بد من القول، وأما النية فلا يحصل بها التعيين؛ بدليل أن الإنسان لو اشترى عبدًا ليعتقه في كفارة أو غيرها فهل يعتق؟
لا، أو اشترى بيتًا ليوقفه على الفقراء أو المساكين أو طلبة العلم أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يكون البيت وقفًا بمجرد الشراء حتى يفعل ما يختص بهذا الشيء، ولهذا قلنا في الهدي لما كان يشرع تقليده أو إشعاره قلنا: إن تقليده أو إشعاره بالنية يعتبر تعيينًا.
يقول المؤلف:(لا بالنية)؛ يعني: لا يتعين بالنية، كما لو أخرج الإنسان دراهم ليتصدق بها فهل تتعين صدقة؟
لا، لا تتعين إن شاء أمضاها وإن شاء أبقاها؛ لأنه لم يدفعها للفقراء.