وقول المؤلف:(يُسن أن يأكل)، ظاهره أنه لو تصدق بها كلها فلا شيء عليه، ولا إثم عليه، وهذا بناء على أن الأكل من الأضحية سُنَّة كما هو قول جمهور العلماء، وقال بعض أهل العلم: بل الأكل منها واجب يأثم بتركه؛ لأن الله أمر به، وقدمه على الصدقة؛ ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع أمر أن يؤخذ من كل بدنة قطعة، فجعلت في قدر فطُبخت، فأكل من لحمها، وشَرب من مرقها (٤).
قالوا: وتكلف هذا الأمر أن يأخذ من مئة بعير مئة قطعة، تطبخ في قدر، ويأكل منها تدل على أن الأمر في الآية الكريمة للوجوب؛ ولأن هذا من باب التمتع بنعم الله عز وجل، فيدخل في قوله:«أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»(٥).
وعلى كل حال لا ينبغي للإنسان أن يدع الأكل من أضحيته، واستحب بعض العلماء أن يأكل من كبدها، وعلل ذلك بأن الكبد أسرع نضوجًا؛ لأنها لا تحتاج إلى طبخ كبير، فإذا اختار أن يأكل منها وطبخها، صار من الذين يبادرون بالأكل من أضاحيه، والمبادرة بالمأمور به أفضل من التأخر.