الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:(كتاب الجهاد)، الجهاد مصدر (جاهد) الرباعي، وهو بذل الجهد في قتال العدو، هذا الجهاد، وينقسم الجهاد إلى ثلاثة أقسام: جهاد النفس، وجهاد المنافقين، وجهاد الكفار المبارزين المعاندين.
أما الأول -وهو جهاد النفس- فهو إرغامها ومخالفتها في معصية الله، أي: إرغامها على طاعة الله ومخالفتها في الدعوة إلى معصية الله، وهذا الجهاد يكون شاقًّا على الإنسان مشقة شديدة، لاسيما إذا كان في بيئة فاسقة، فإن البيئة قد تعصف به حتى ينتهك حرمات الله، وحتى يدع ما أوجب الله عليه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه حينما رجع من غزوة تبوك قال:«رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ»(١) يعني جهاد النفس، لكن هذا الحديث غير صحيح.
أما النوع الثاني فهو جهاد المنافقين، وجهاد المنافقين يكون بالعلم، لا بالسلاح؛ لأن المنافقين لا يقاتلون؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استؤذن أن يُقتل المنافقون الذين علم نفاقهم فقال:«لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ»(٢)، وهم لهم جهاد، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}[التحريم: ٩]، ولكن جهادهم بالعلم، ولهذا يجب علينا أن نتسلح بالعلم أمام المنافقين الذين يوردون الشبهات على دين الله ليصدوا عن سبيل الله، فإذا لم يكن لدى الإنسان علم فإنه ربما تكثر الشبهات والشهوات والبدع ولا يستطيع أحد أن يردعها.