للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدل لهذا قصة السرية الذين بعثهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمر عليهم رجلًا، وأمرهم أن يطيعوا هذا الرجل، أن يطيعوا أميرهم، وفي يوم من الأيام أغضبوه فأمرهم أن يجمعوا حطبًا، فقالوا: سمعًا وطاعة، جمعوا الحطب، وأمرهم أن يوقدوا فيه النار، قالوا: سمعًا وطاعة، أوقدوا النار، قال: ألقوا أنفسكم فيها، فتردد القوم؛ النبي عليه الصلاة والسلام أمرهم أن يطيعوه، ولكن لماذا آمنوا؟ آمنوا خوفًا من النار، فقال بعضهم لبعض: كيف نلقي أنفسنا في النار ونحن إنما آمنا فرارًا منها، شوف القياس، قياس، لكنه قياس صحيح، فأبوا أن يلقوا أنفسهم في النار، ثم لما رجعوا إلى المدينة، وأخبروا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا، قال: «لَوْ دَخَلُوا فِيهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا». أعوذ بالله، لأنهم قتلوا أنفسهم، ومن قتل نفسه بالنار عُذب بها في نار جهنم؛ لأن كل من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم، لو قتل نفسه بخنجر فهو يوم القيامة يعذب بهذا الخنجر في نار جهنم، لو قتل نفسه بالتردي من شاهق فإنه يخلق له في النار شاهق فيتردى منه يعذب به في نار جهنم، بسمّ، قتل نفسه بسم يتحسى هذا السم معذبًا به في نار جهنم، لو دخلوا النار عذبوا بها في نار جهنم. نسأل الله العافية. ثم قال: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» (١٢)، الذي ليس بمنكر، أما هذا فإنه منكر، إذن إذا أمر بالمعصية فإنه لا سمع له ولا طاعة.

يقال: إنه في بعض البلاد الإسلامية لا يمكن أن يدخل الإنسان الجيش حتى يحلق لحيته، فيأمرونه بحلق اللحية، فهل يلزمهم طاعتهم؟

لا، بل يقولون وبكل صراحة: لا سمع ولا طاعة، ولا نوافقك على معصية الرسول عليه الصلاة والسلام، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «أَعْفُوا اللِّحَى» (١٣)، وأنت تقول: احلقوا اللحى! مصادمة، فلا قبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>