للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن، المصالح عامة، كل ما فيه مصلحة للمسلمين في دينهم أو دنياهم فإنه يؤخذ مِنْ بيت المال، ولا يجوز أن يُصْرَف هذا الفيء؛ أعني بيت المال، إلى ما لا مصلحة للمسلمين فيه، فهو يُصْرَف في الواقع بما فيه المصلحة، أو بما فيه المَضرَّة، أو بما لا مصلحة فيه ولا مَضرَّة، ما هو الجائز؟

طلبة: الأول.

الشيخ: الأول، ما فيه المصلحة، فأما ما لا مصلحة فيه فإنه لا يجوز أن يُصْرَف منه قرش واحد؛ لأن هذا من إضاعة المال، وإذا كان الإنسان في ماله الذي يملكه منهيا عن إضاعة المال، فكيف بإضاعة المال الذي هو للمسلمين عمومًا.

وإذا بُذِل في محرم، في ضار، صار أشدَّ وأشدَّ، صار فيه إِثْمَان:

الإثم الأول: اقتطاع جزء من مال المسلمين في غير مصالحهم.

الإثم الثاني: أنه صَرْفٌ في المُحَرَّم، فهو إعانة على المُحَرَّم.

ولهذا نقول: إن المسؤولية عظيمة في مَنْ يَتَوَلَّوْن أموال المسلمين، عظيمة جدًّا، أشد من مسؤولية من يتولى على مال اليتيم، أو على مال سفيه، أو على مال نفسه؛ لأن هذا يتعلق به جميع حقوق المسلمين، كل المسلمين لهم حق فيه، ولا يخفى عليكم ما جرى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما يذكره أهل التاريخ، أنه كان رضي الله عنه في الليالي يَعُسُّ حول المدينة؛ يعني يخرج يتفقد الناس حول المدينة، فوجد نارًا فذهب إليها، وكان معه مولى يُقال له: أَسْلَم، ذهب إلى هذه النار فوجدها عجوزًا عندها صبيان جَوْعَى يصيحون، وهي قد أوقدت النار تحت القِدْر، ليس فيه إلَّا الماء لتُسَكِّنَهم به، فجاء إليها فقال: ما لك يا أمةَ الله؟ قالت: هؤلاء صبيان، قال: ما الذي في القِدْر؟ قالت: ماءٌ أُسكتهم به، الله بيننا وبين عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>