قال:(والحمى المطبقة والربع وما قال طبيبان مسلمان عدلان: إنه مخوف) اشترط المؤلف لهذا الخبر ثلاثة شروط أن يكون القائل طبيبًا، فإن كان غير طبيب فإنه لا عبرة بقوله؛ فلو أن شخصًا مريضًا وصف مرضه لرجل عامي، فوضع العاميُّ يديه على رأسه وقال: أعوذ بالله، هذا مرض مميت على طول مخوف، هل يؤخذ بقوله؟
طلبة: لا.
الشيخ: ليش؟
الطلبة: لأنه ليس بطبيب.
الشيخ: ليس بطبيب فلا يؤخذ بقوله.
كذلك (مسلمان) اشترط المؤلف الإسلام في الطبيب؛ وذلك لأن خبر الكافر غير مقبول؛ لأن الله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات: ٦] فإذا كان خبر الفاسق يجب التبيُّن فيه فخبر الكافر من باب أولى أن يتوقف فيه أو يُرَد، فلا عبرة بقول الطبيب غير المسلم ولو كان حاذقًا مجربًا في الإصابة.
الشرط الثالث (عدلان) يعني: ذوي عدل، فإن كانا فاسقين ولو بحلق اللحية فإن قولهما لا يقبل، ولو كان فاسقين ولو بترك صلاة الجماعة فإن قولهما لا يقبل.
الشرط الرابع العدد؛ فلا يكفي الطبيب الواحد ولو كان من أمهر الناس ولو كان تام الإيمان ولو كان عدلًا، فإنه لا يُقْبَل؛ لأنه لا بد من اثنين؛ فاشترط المؤلف لقبول خبر الطبيب أربعة؛ أن يكون طبيبًا حقًّا مسلمًا عدلًا ومتعددًا اثنان فأكثر؛ وذلك لأن هذا من باب الشهادة، والشهادة لا بد فيها من الإسلام ولا بد فيها من العدالة ولا بد فيها من التعدد.
ولكن لنرجع ولننظر في الواقع أو في هذه المسألة على وجه النقاش؛ فنقول: أما اشتراط كونه طبيبًا فهذا أيش؟ هذا حق لا بد أن يكون طبيبًا، ولكن ما رأيك لو كان غير طبيب لكنه مقلد لطبيب؛ أي أنه قد سمع من طبيب ماهر أن هذا المرض مخوف، فهل يؤخذ بقوله؟