للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن الذي يظهر لي من الأدلة أنه لا يكفر إلا بترك الصلاة تركًا، يتركها، ما هي صلاة واحدة، بمعنى أنه قد وطن نفسه على ألا يصلي، يترك الصلاة، معروف أن هذا الرجل لا يصلي، لا ظهرًا ولا عصرًا ولا مغربًا ولا عشاءً ولا فجرًا، فهذا هو الذي يكفر. أما من كان يصلي فرضًا ويدع فرضًا، أو يصلي فرضًا ويدع فرضين، فإنه لا يكفر؛ لأنه لا يقال: إنه ترك الصلاة، بل هذا ترك صلاة، لا الصلاة.

والحديث: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» (٨)، لم يقل: ترك صلاة، وكذلك: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ» (٩)، ولأن الأصل بقاء الإسلام، فلا نخرجه منه إلا بيقين؛ لأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين، فالأصل أن هذا الرجل المعين، الأصل أنه أيش؟ مسلم، فلا نخرجه من الإسلام المتيقن إلا بوجود دليل يخرجه إلى الكفر بيقين. وما دامت المسألة فيها شك فلا نخرجه من الإسلام.

وهذا الذي ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله، سواء كان مقيدًا أو بشروط، وهو أن تارك الصلاة كسلًا وتهاونًا يكفر، هذا القول هو الراجِح؛ لأن الأدلة تدل عليه؛ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة والنظر الصحيح، أما الكتاب فقوله تعالى عن المشركين: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: ١١]، فاشترط الله تعالى للأخوة في الدين ثلاثة شروط: الأول: التوبة، منين؟ من الشرك، فإن لم يتوبوا فهم مشركون. الثاني: إقام الصلاة، فإن لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين. الثالث: إيتاء الزكاة، فإن لم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا في الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>