للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالو: هناك دليل حديث معاذ بن جبل: «حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَلَّا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» (٥)، هل تقولون: إن فاعل الكبيرة لا يعذب جزمًا؟ إن قالوا: نعم، فقد خالفوا الآية؛ لأن الله قال: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، إن قالوا: لا يعذب، خالفوا الآية، وإن قالوا: يعذب، خالفوا الحديث: «لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا».

ونحن نقول: الحديث ليس على ظاهره، وأنتم لا تقولون بظاهره أيضًا؛ لأن «لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» في عمله المعين، إذا انتفى الشرك في هذا الأمر المعين انتفى التعذيب عليه؛ لأنه خالف، أما ألَّا يعذب من لا يشرك ولو فعل ما فعل من الكبائر، فهذا غير صحيح.

ثم نقول أيضًا: لو كفر بغير الشرك هل يعذب ولَّا ما يعذب؟ يعذب، إذنْ فالحديث ليس على ظاهره، فإذا لم يكن على ظاهره وعلمنا أنه مخصوص بدلالة الكتاب والسنة، بل وبالإجماع، فإنه لا يمكن أن نحتجَّ به على العموم، ونقول: إنه لا يخرج منه شيء.

ثم إننا نعلم علم اليقين أن من كان مخلصًا لله إخلاصًا يقينًا فإنه لن يفعل ما يخرجه من الإسلام؛ لأن المخلص الذي يبتغي وجه الله هل يطلب ما يوصله إلى وجه الله ولَّا لا؟ المخلص في طلب الشيء يسعى بكل وسيلة إلى حصوله، نجد المخلصين في طلب الدنيا ويش يعملون؟ يسعون بكل وسيلة إلى حصولها؛ بالتأجير، بالبيع، بالاستهام، بالارتهان، بكل شيء، وهكذا من صدق في طلب الله فلا بد أن يفعل كل ما يمكن أن يوصله إلى الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>