للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسم آخر تقبل توبته، فعلى المذهب لا بد من أيش؟ لا بد من استتابتهم، والرواية الثانية: لا يستتاب، يقتل؛ لأن النصوص الواردة مطلقة، عامة؛ كَفَر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (١٠)، ولم يقل: فاستتيبوه، فإن تاب وإلا فاقتلوه، قال: «فَاقْتُلُوهُ»، إذن كل من فعل ما يقتضي الردة يقتل على طول بمقتضى الحديث.

القول الثاني وهو رواية عن الإمام أحمد: أنه يستتاب ثلاثة أيام، وهو المذهب، واستدلوا بأثر عن عمر رضي الله عنه أنه ذُكِر له رجلٌ ارتد فقُتِل، فقال لهم: لماذا لم تتركوه؟ لعله يرجع، لعله يفيق، لعله كذا، لعله كذا، اللهم إنِّي أبرأ إليك مما صنعوا (١١).

ولكن فيه قول ثالث وسط قالوا: إن هذا يرجع إلى اجتهاد الحاكم، وهذا لا ينافي ما قاله عمر، ولا يخالف ظاهر الأدلة، إذا رأى الحاكم أن من المصلحة أن يستتيب هذا الرجل؛ إما لكونه شاكًّا في حال الرجل هل هو معتوه ولَّا عاقل؟ ولَّا ما أشبه ذلك، أو أن المسألة ما ظهرت ولا بانت، فهنا يترجح أيش؟ الاستتابة، لا شك أنها تترجح الاستتابة، أما إذا كان هذا الرجل معلنًا وأمره ظاهر وواضح فهذا لا يستتاب؛ لأن في المبادرة إلى قتله ردعًا لغيره، مع كونه تمسكًا بظاهر الأدلة، وهذا القول هو القول الصحيح، وهو لا ينافي القولين، بل هو بعض قول من يرى الاستتابة، وبعض قول من لا يرى الاستتابة.

وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -وغيره الظاهر، لكن ما اطلعت على قول غيره- يسلك هذا المسلك أحيانًا؛ بمعنى أنه يتوسط بين القولين، ثم يقول: هذا بعض قول من يقول بكذا وكذا، كقوله في الوتر: إنه واجب على من له وِرْدٌ، وقوله في غسل الجمعة: إنه واجب على من له رائحة، وما أشبه ذلك.

***

[باب الأذان والإقامة]

باب الأذان والإقامة

هذا الباب مُعَنْوَن لمسألتين، لكنهما مسألتان متلازمتان؛ إحداهما: الأذان، والثانية: الإقامة. فما هو الأذان؟ وما هو الإقامة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>