ثانيًا: إن لم يجد ثمنًا يشتري به الرقبة، أو إن لم يجد رقبة وعنده ثمن؟ كلا الأمرين، ولهذا قال الله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ}[المجادلة: ٤]، فيشمل مَن لم يجد الرقبة، كما لو كان رجل عنده ملايين الدراهم، لكن ما وجد في السوق رقبةً تباع، أو وجد رقبة لكن ليس عنده مال يشتري به هذه الرقبة، فإنه ينتقل من ذلك إلى الصيام؛ صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع -يعني ما يقدر؛ لمرض فيه أو لأي سبب من الأسباب، ما يقدر- فإنه يطعم ستين مسكينًا، وكأن هذا -والله أعلم- عن كل يوم مسكين؛ لأن الغالب أن الشهرين يَتِمَّان، أو يقال: لأن هذا هو غاية التمام في الشهور، فلما جاء البدل وهو الإطعام صار ستين مسكينًا.
وقوله:{مِسْكِينًا}[المجادلة: ٤] هنا يشمل الفقير ولّا لا؟ يشمل الفقير.
متى يعتبر الوجوب أو الاستطاعة؟
يعتبر عند وجوب أيش؟ عند وجوب الكفارة، فلو فُرِضَ أنه عند الوجوب لا يجد رقبة، فشرع في الصوم، ثم وجد في أثناء الصوم هل يلزمه الانتقال؟ لا يلزمه، وكذلك لو فُرِضَ أنه كان عند زمن الوجوب لا يستطيع الصوم، فأطعم ستين مسكينًا أو لم يُطْعِم، فإنه في هذه الحال لو قدر بعد ذلك على الصوم لا يلزمه الانتقال؛ لأن العبرة بالقدرة وعدم القدرة هو وقت الوجوب. ( ... )
لم يجزئه الصوم، ولو أيسر مُعْسِر لم يلزمه عتق، العبرة بالوجوب.
***
يقول:(ولا تلزم الرقبة إلَّا لِمَن ملَكها، أو أمكنه ذلك بثمنِ مثلِها، فاضلًا عن كفايته دائمًا، وكفايةِ مَن يَمُونه، وعما يحتاجه من مَسْكَنٍ وخادمٍ ومركوبٍ، وعَرَضِ بِذْلَةٍ وثيابِ تجمُّلٍ، ومالٍ يقوم كسبُهُ بمَؤونته، وكتبِ علمٍ ووفاءِ دَيْن).
الحمد لله، الأمر مُيَسَّر.
(ما تلزم الرقبة إلا لمن ملَكها)، ويش معنى (ملَكها)؟ يعني كانت عنده الآن حاضرة، مالكها، أي: تحت ملكه.