للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبقى الإشكال في قوله: «إِذَا أَذَّنْتَ الْأَوَّلَ»، فنقول: لا إشكال؛ لأن الأذان هو الإعلام في اللغة، والإقامة إعلام، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» (١١)، والمراد بالأذانين الأذان والإقامة، وفي صحيح البخاري (١٢) قال: زاد عثمان الأذان الثالث لصلاة الجمعة، الأذان الثالث، ومعلوم أن الجمعة فيها أذانان وإقامة، فسماه أذانًا ثالثًا، وبهذا يزول الإشكال.

فيكون التثويب في أذان صلاة الصبح، قال هؤلاء الذين اشتبه عليهم الأمر: لأنه قال: الصلاة خير من النوم.

فدلَّ هذا على أن المراد بالصلاة خير من النوم صلاةُ التطوع، صلاة التهجد، ليست صلاة الفريضة؛ إذ لا مفاضلة بين صلاة الفريضة وبين النوم، والخيرية إنما تقال في باب الترغيب، فيقال: الصلاة خير من النوم، في النفل، صلوا فهو خير من نومكم، فهذا أيضًا يقولون: يرجَّح أن المراد بالأذان أيش؟ الأذان في آخر الليل.

فنقول لهم: هذا أيضًا يُضاف إلى الخطأ الأول؛ لأن الخيرية قد تقال في أوجب الواجبات، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ} [الصف: ١٠، ١١]، الإيمان بالله ورسوله والجهاد اللي هو ذورة سنام الإسلام، قال الله تعالى فيه: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} أي: خير لكم مما يأتيكم من تجارة الدنيا، والخيرية هنا بين واجب وغيره، ولَّا بين مستحب وغيره؟

بين واجب؛ لأنه الإيمان بالله ورسوله، وقال تعالى في صلاة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة: ٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>