للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبق لنا أن قول المؤلف: (لو) إشارة خلاف، وأن فيه خلافًا، وهو أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد؛ أن الملحَّن والملحون لا يصح؛ لأن الْمُلَحَّن يُخْرِجُه عن كونه أذانًا؛ لأنه عبادة، والتلحين يميل به إلى الطرب والأغاني، وأما الملحون فلأن اللغة العربية هي التي تُؤَدَّى بها هذه الأذكار.

قال: (ويُجْزِئ مِن مُمَيِّز) (يجزئ) الفاعل يعود على الأذان، (يجزئ مِن مُمَيِّز)، والْمُمَيِّز مَن بلغ سبعًا إلى البلوغ، هذا المميِّز مَن بلغ سَبْعَ سنين إلى البلوغ يُسَمَّى مميِّزًا، وسُمِّيَ مُمَيِّزًا لأنه يُمَيِّز فيَفْهَم الخطاب ويَرُد الجواب.

وقال بعض العلماء: إن الْمُمَيِّز لا يتقيد بسنٍّ، وإنما يتقيد بوصف، فالذين قالوا: إنه يتقيد بِسِنٍّ استدَلُّوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهِ لِعَشْرٍ». (١٧) فجعل أول سِنٍّ يؤمَر به الصبيُّ سبع سنين، وهذا يدل على أنه قبل ذلك لا يصح توجيه الأمر إليه، لماذا؟

قد يُقَالُ: لأنه لا يفهم الأمر، وقد يقال: لأنه لا يحتمل الأمر، فإن قلنا بالعلة الأولى صار سبع السنين هي الحد للتمييز، وإن قلنا بالثانية لم يكن ذلك حدًّا للتمييز، لم تكن السنوات السبع حدًّا للتمييز، إذا قلنا: إن مَن دون السبع لا يتحمل الأمر، وإن كان يفهم.

والذين قالوا: إنه يُقَيَّد بالوصف قالوا: لأن كلمة (ممييِّز) اسم فاعل مشتق منين؟

طلبة: من الْمَيْز.

الشيخ: من الْمَيْز، أو مِن التمييز، وإذا كان مشتقًّا من ذلك، فإذا وُجِدَ هذا المعنى في طفل ثبت له وصف، فالذي يفهم الخطاب ويرد الجواب يُسَمَّى مميِّزًا، بحيث يفهم المعنى، ما هو بيفهم إنك تقول له: يا ولد؛ لأن الطفل إذا قلت: يا ولد، لو هو صغير في المهد، إذا قلت: يا ولد، انْتَبَه، وإذا نادته أمه انكبَّ عليها، ليس هذا هو المراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>