وقول المؤلف:(ولو) إشارة خلاف، والخلاف في هذه المسألة أنه يقتل الجاني بمثل ما قتل به؛ لعموم قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨]{الْقِصَاصُ}، وتمام القصاص أن يُفْعَل بالجاني كما فعل؛ لأنه من القص؛ وهو تتبع الأثر، ولقوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]، ولقوله تعالى:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦]، ولقوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠]، وما أشبه ذلك من الآيات.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رضَّ رأس الرجل اليهودي بين حجرين؛ لأنه قتل الجارية الأنصارية برضِّ رأسها بين حجرين (٤). وهذا دليلٌ خاص، والآيات التي سقناها أدلة؟
طالب: عامة.
الشيخ: عامة، فهذا دليل من الكتاب ودليل من السنة.
ودليل من النظر أيضًا؛ كيف هذا الرجل يُمَثِّل بالمقتول؛ يقتله بأبشع قتلة -والعياذ بالله- يمزقه تمزيقًا، ثم يجيء هذا يقول: نضربه بالسيف، غمض بس ونضربك بالسيف، هذا ما هو عدل، والله عز وجل يقول:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}[النحل: ٩٠].
إلا إذا قتله بوسيلةٍ محرمة؛ إذا قتله بوسيلةٍ محرمة فإننا لا نقتله بها، مثل أن يقتله بالسحر، باللواط -والعياذ بالله- أو يقتله بإسقائه الخمر؛ يسقيه الخمر حتى مات، فإنه لا يُفعل به.
وقال بعض العلماء: بل يفعل به كما فعل، ولو كان محرمًا، لكننا لا نفعل المحرم، فمثلًا لو قتله باللواط وما أشبه ذلك ندخل في دبره خشبة حتى يموت.
على كل حال، هذه الصور النادرة يمكن أن تُسْتَثنى، أما إذا رضَّ رأسه بين حجرين، أو مثلًا ذبحه بسكين كالة، أو بالصعق الكهربائي، أو ما أشبه ذلك، فإننا لا شك أن الصواب أن نفعل به كما فعل به.