للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن فكأن المؤذن لما قال: (حي على الصلاة) أقْبِلْ تبرأت من حوْلك وقُوَّتك إلى ذي الحول والقوة؛ وهو الله عز وجل، فاستعنت به، وقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا من باب التوسُّل بذكر حال الداعي، وأظن مر علينا أن من أقسام التوسل في الدعاء أن يذكر الإنسان حاله، وأنه في حاجة إلى الله، فإذا قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله كأنك تقول: أنا ما عندي حوْل ولا قوة إلا بالله إن أعانني فأنا أقوم بما ينبغي أن أقوم به، وإن لم يُعِنّي ووكلني إلى نفسي فإنه يكلني إلى ضعف وعجز وعورة.

لا حول ولا قوة إلا بالله، ما هو الحَوْل؟

قال العلماء: الحول بمعنى (التحوُّل)؛ أي: لا تحوُّل من حال إلى حال إلا بالله عز وجل.

والقوة معناها القدرة على الشيء، بل هي أخص من القدرة؛ يعني: أنا لا أستطيع التحول، ولا أقوى على التحول إلا بمعونة الله، ولهذا نقول: إن (الباء) في قوله: (إلا بالله) للاستعانة، كل إنسان لا يستطيع أن يتحول من حال إلى حال، سواء من معصية إلى طاعة، أو من طاعة إلى أفضل منها لا يستطيع إلا بالله عز وجل، ولا يقوى على ذلك إلا بالله.

إذن فهذه الجملة في جواب (حي على الصلاة) (حي على الفلاح) كلمة استعانة، يستعين الإنسان بالله على إجابة هذا المؤذن.

وسبق لنا أن قوله: (حي على الفلاح) بعد قوله: (حي على الصلاة) تعميم بعد تخصيص، أو هو دعاء إلى النتيجة والثواب بعد الدعاء إلى الصلاة كأنه قال: أقبِل إلى الصلاة، فإذا صلَّيْت نِلْت الفلاح، وأيًّا كان سواء الأول أو الثاني، فإن إجابته أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

في إجابة المؤذن أو متابعته فيه دليل على رحمة الله عز وجل، وسعة فضله؛ لأن المؤذنين لما نالوا ما نالوه من أجْر الأذان شُرع لغير المؤذن أن يتابعه؛ لينال أجرًا كما نال المؤذن أجرًا، ولهذا نظائر؛ في الحج، الحجاج يوم النحر يذبحون هدايا، وغير الحاج ويش شرع لهم؟

طلبة: الأضاحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>