للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: مثل عيسى، وانظر كيف ألهم الله الناس أن يذهبوا إلى هؤلاء؛ لأن الأربعة الرسل هم أولو العزم، وآدم أبو البشر، خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، ثم انظر كيف يُلهم الله هؤلاء؟ أن كل واحد منهم يعتذر بما يرى أنه حائل بينه وبين الشفاعة؛ لأن الشفيع ليس له وجه يتقدم للشفاعة من أجله، إلا إذا كان ليس بينه وبين المشفوع إليه شيء يخدش المقام، وهؤلاء الأربعة كلهم ذكروا ما يخدش مقامهم بحسب ما يرونه لكمال تواضعهم وإن كان كلهم تابوا من الذنوب؛ إن كانت ذنوبًا بالنسبة لإبراهيم عليه الصلاة والسلام.

الخامس لم يذكر شيئًا يخدش مقام الشفاعة عنده، ولكن ذكر من هو أولى منه بذلك؛ وهو محمد عليه الصلاة والسلام لتتم الكمالات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيشفع عند الله سبحانه وتعالى فيأتي الله تعالى للقضاء بين عباده.

وهذا من المقام المحمود الذي قال الله له فيه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩]، هذه الدعوات، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ سَأَلَ اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٣). شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام تحل له، ويكون مستحقًّا لها، وهذا لا شك أنه من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا وعلى الرسول عليه الصلاة والسلام؛ أما علينا فلما نناله من الأجر في هذا الدعاء، وأما على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فلأن هذا مما يرفع ذِكْره؛ أن تكون أمته إلى يوم القيامة تدعو الله له.

ولكن لو قال قائل: إذا كانت الوسيلة حاصلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فما الفائدة من أن ندعو الله له بها؟

نقول: لعلَّ من أسباب كونها له دعاء الناس له بذلك، وإن كان هو -عليه الصلاة والسلام- أحق الناس بها.

في هذا الدعاء عدة مسائل:

<<  <  ج: ص:  >  >>