للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادَّعَى زيدٌ على عمرو بأن هذا المال الذي في يد عمرو له، قال عمرو: لا، لي، وعندي بينة، وجاء ببينة. وزيد المدَّعِي جاء ببينة أيضًا، كل منهما جاء ببينة. يقول المؤلف: إنه يُقضى بها للمدَّعِي، يُقضى بالعين للمدعِي، لزيد؛ لأنه هو الخارج.

الخارج الذي ليس بيده؛ لأنه خارج برَّه، والداخل التي هي بيده؛ يعني المدعِي خارج والمدَّعَى عليه داخل.

لماذا؟ قالوا: للدليل والتعليل؛ أما الدليل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل البينة في جانب المدَّعِي، قال: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» (١١).

وهي خطيرة في التحمُّل، وفي الأداء، أما التحمل فيجب ألا يتحمل الإنسان شهادة إلا وقد علمها عِلم اليقين، حتى إنه رُوي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لرجل: «تَرَى الشَّمْسَ؟ ». قال: نعم. قال: «عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ». (١٢) على مِثل الشمس، حتى لو وجدت قرائن تدل على الأمر، لا تشهد بها، لكن اشهد بالقرائن التي رأيت، أما أن تشهد بما تقتضيه هذه القرائن، فهذا لا يجوز؛ لأن الشهادة لا بد أن تكون عن عِلْم.

ومع الأسف أن شهادة الزور كثرت في هذا الزمن، حتى أصبحت رخيصة، يجد الإنسان في السوق من يشهد له بعشرة ريالات، بل بأقل، وأحيانًا ربما يقول: كم مقدار الدعوى التي تدعي؟ قال له: أدعي مليون ريال، قال: مليون ريال كثيرة، أبغي أشهد بألف ريال. ولو قال له: مئة ألف، قال: يكفيني مئة ريال. على حسب الدعوى، كبرها من صغرها، وكل هذا -والعياذ بالله- تلاعُب، وظُلم، وعُدوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>