(وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) وهذه العبودية أخص أنواع العبودية؛ لأن العبودية قسمان: عامة وخاصة. والخاصة قسمان أيضًا: خاصة أخص، وخاصة فوق ذلك.
العبودية العامة: هي التذلل لله عز وجل كونًا وقدرًا، هذه عامة لا أحد يخرج منها: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٥٣]. الكفار عبيد لله بهذا المعنى؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، لا يمكن أن يشذوا عن حكمه الكوني.
العبودية الخاصة: هي التعبد لله تعالى شرعًا، والذل له شرعًا. ثم هذه العبودية الخاصة تنقسم إلى قسمين: أخص، وفوق ذلك.
أخص العبوديات الشرعية هي: عبودية الرسل عليهم الصلاة والسلام، هم أعبد الناس لله. وللرسول صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله، أخصها وأعظمها.
(عبده ورسوله) (ورسوله) يعني مرسله؛ لأن الله تعالى أرسله إلى من؟
طلبة: إلى الناس أجمعين.
الشيخ: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء: ٧٩]، كل الناس.
وفي هذا ردٌّ على طائفتين منحرفتين غاية الانحراف:
الطائفة الأولى: غلت بالرسول عليه الصلاة والسلام حتى أنزلته فوق العبودية، وجعلته في منزلة الرب، بل ربما يكون أعظم عندهم من الرب؛ ولذلك تجد عندهم من انكسار النفس والذل إذا ذكر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكثر مما يكون عندهم إذا ذكر الله، حتى إنهم ليدعونه ويسألونه تفريج الكربات.
ورد على طائفة أخرى منحرفة وهي المكذبة للرسول، الذين يقولون: إنه ليس برسول.
فعبده ورسوله ترد على أيش؟ الطائفتين؛ الغالية فيه، والجافية عنه.
(وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) هذا التشهد الأول يقتصر عليه، ثم يقوم ليقضي بقية صلاته إن كان في ثلاثية أو رباعية.
لكن المؤلف -رحمه الله- أكمل التشهد فقال: (اللهم صل على محمد).