وعلى كل حال الهتماء اختلف العلماء رحمهم الله في إجزائها، والصواب أنها تجزئ؛ لأنه لا دليل على كونها لا تجزئ، ولا ينقص غذاؤها ورعيها بفقد الثنايا، فإذا لم يكن دليل ولا تعليل فالأصل أيش؟ الإجزاء؛ ولهذا لما قال رجل للبراء بن عازب الذي روى:«أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي»، قال: إني أكره أن يكون في الأذن نقص أو في القرن نقص أو في السن نقص؟ قال: ما كرهت فدعْه ولا تحرِّمه على غيرك (١).
طيب لو لم يكن لها ثنايا من فوق سقطت من أصلها، تصح أو لا تصح؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: كيف؟ ما له شيء؟
طالب: خلقة.
الشيخ: خلقة؟ ويش تقول؟ ما تعرف؟ ألا تقول كما قال من هو أمامك: إنها لا تجزئ؟
طالب:( ... ) الخلقة يا شيخ.
الشيخ: إذن تجزئ أو لا تجزئ؟
الطالب: لا تجزئ.
الشيخ: لا تجزئ، هكذا قلنا لشيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله؛ لأنه ألقى علي هذا السؤال وأنا طالب صغير، قال: ما تقول لو سقطت ثناياها من فوق، هذه ما تجزئ، اللي فوق وتحت كله واحد، فقال: إنها ليس لها أسنان من فوق، إذن تجزئ.
والصحيح أن الهتماء تجزئ؛ لأنه لا دليل على المنع ولا تعليل تلحق بما لا يجزئ.
(والجدَّاء) الجداء هي يابسة الضرع، يابسة الضرع يقولون: لا تجزئ، مع بقائه لكن لا يكون فيه لبن، قالوا: إنها لا تجزئ. وليس هناك دليل يدل على عدم الإجزاء؛ لأن هذه البهيمة لم تنقص خلقة ولم يكن فيها تشويه؛ الثدي باقٍ على ما هو عليه، واللبن ليس من شرط الأضحية أن يكون فيها لبن، غير محتاج إليه، ومثل ذلك ما لو يبس أحد ضرعيها فإنها تجزئ من باب أولى.
فإذا قال لك قائل: ما هو الدليل؟
فالجواب أن الذي يطالب بالدليل من هو؟ الذي يقول: لا تجزئ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي»(٢)، معناه أن الأصل الإجزاء إلا ما كان من هذه الأربع.