الشيخ: الجهالة، ولكن الصحيح أنه يصح؛ لأن هذا مقتضى العقد، ما دام البائع يعلم أن المشتري معسر فإنه لا يحق له مطالبته شرعًا إلا بعد الإيسار؛ لقول الله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠]، فما زاد هذا الشرط إلا تأكيد الإنظار فقط، والإنظار واجب، فإذا كان البائع يعلم أن المشتري معسر لزمه أن ينظره إلى أن يوسِر سواء شرط ذلك أم لم يشترطه، وعلى هذا فشرطه يعتبر توكيدًا، فيكون صحيحًا.
الثاني يقول:(وكون العبد كاتبًا) العبد الذي عُرِض للبيع، اشتراه إنسان وقال: بشرط أن يكون كاتبًا، يصح الشرط؛ لأنها صفة مقصودة في المبِيع، فصح شرطها، ولكن كلمة (كاتب) هل هي مجهولة أو معلومة؟ لأن الكتابة تختلف؛ من الناس من يكتب ولكن لا يقرأ كتابه إلا هو، هل هذا يُغني إذا كان كاتبًا؟
طلبة: لا، ما يغني.
الشيخ: ومن الناس من يكتب ويقول: لا أعرف أقرأ كتابتي إلا في المكان الذي كتبتها فيه، إي نعم، ككتب رجل بين رجلين بيع جمل على أحدهما في فلاة من الأرض بين الشام وعنيزة، وكتب بينهما وثيقة، ولما قدما البلد تخاصما، فأنكر البائع البيع، فقال المشتري: بيني وبينك وثيقة كتبها فلان، فطلب القاضي فلانًا، وقال: كتبت بينهما وثيقة؟ قال: نعم، هذه الوثيقة، قال: اقرأها، قال: لا أعرف أقرؤها إلا في المكان الذي كتبتها فيه؛ وذلك لأنه لا يعرف يكتب، هو لا يعرف أن يكتب، لكن قال: تريدون أن أشهد بلساني شهدت، أما بالقلم فلا أعرف أن أقرأه إلا في المكان الذي كتبته فيه، فقال القاضي: يكفينا لسانك.
فالحاصل أن كلمة (كاتب) فيها شيء من الجهالة، فلا بد أن يُقال: كاتبٌ تكون كتابته متوسطة، يعني يقرؤها الإنسان بدون تهجٍّ وبدون ترتيب.