والعلماء رحمهم الله خصوا الصرف بباب وبأحكام؛ لأنه يختلف عن غيره من أنواع المبيعات، فلذلك نصوا عليه بخصوصه، وإلا فهو من البيع.
السلَم يثبُت به خيار المجلس. فما هو السلم؟
السلم أن يُسلِم الإنسان إلى البائع دراهم مع تأجيل السلعة، مثل أن يقول الرجل للفلَّاح: أريد أن أشتري منك ثمرًا بعد سنة أو سنتين بألف درهم، وهذه الألف درهم. هذا يُسمى سلمًا، ويسمى سلفًا، وكلاهما صحيح. أما تسميته سلمًا؛ فلأن المشتري أسلم الثمن، وأما تسميته سلفًا؛ فلأنه قدَّم، والسلف بمعنى المقدَّم، ومنه قولنا: السلف الصالح؛ لأنهم متقدِّمون.
قال المؤلف:(دون سائر العقود)، مثل: الرهن، الوقف، الهبة، المساقاة، الحوالة، العتق، وما أشبه ذلك، هذه ليس فيها خيار؛ وذلك لأن هذه العقود لا تخلو من حالين:
إما أن تكون من العقود الجائزة، فهذه جوازها يغني عن قولنا: إن فيها الخيار؛ لأن العقد الجائز يجوز فسخه حتى بعد التفرق.
هذه العقود اللي ما فيها خيار لا تخلو من حالين: إما أنها من العقود الجائزة، والعقود الجائزة لا تحتاج إلى خيار؛ لأن العقد الجائز متى شاء العاقدُ فَسَخَه، سواء في مجلس العقد أو بعده.
وإما أن تكون من العقود النافذة التي لقوة نفوذها لا يمكن أن يكون فيها خيار، مثل العتق والوقف.
طيب، نأخذ أمثلة هذا:
المساقاة: قيل: إنها عقد جائز، وعلى هذا لا خيار فيها؛ لأن المساقِي والمساقَى كلٌّ منهما له أن يفسخ.
أتعرفون المساقاة؟ المساقاة: أن يدفع الإنسان بستانه لشخص فلَّاح عامل، يقول: خذ هذا اعمل عليه ولك نصف ثمره. هذه يقول العلماء على المشهور من المذهب: إنها عقد جائز، فللعامل أن يفسخ، ولصاحب البستان أن يفسخ. إذن لا حاجة أن نقول: له خيار مجلس؛ لأن الخيار ثابت، سواء كانوا في مجلس العقد أو بعده.
الرهن: عقدٌ لازم من أحد الطرفين، وجائز من أحد الطرفين، فمَنْ له الحق فهو في حقه جائز، ومن عليه الحق فهو في حقه لازم.