وإنما قال رحمه الله:(بأبدانهما) دفعًا لقول من قال: إن المراد بالتفرق التفرق بأقوالهما، وأن معنى الحديث: لكل واحد من المتبايعين الخيار ما لم يقع القبول من المشتري، فإن وقع القبول من المشتري فقد تفرقا بأقوالهما ولا خيار. لكن هذا القول ضعيف؛ لأنه لا يمكن يتم البيع إلا بالتفرق بالأقوال، فالبيع لا ينعقد إلا بالإيجاب والقبول، ومتى تم القبول قلنا: الآن وقع العقد، والحديث يقول:«إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ»، ولا حقيقة لتبايعهما حتى يحصل أيش؟ الإيجاب والقبول. فهذا القول ضعيف، لكننا أشرنا إليه؛ لأن المؤلف نص عليه، نص على قوله:(بأبدانهما) احترازًا من القول بأن المراد بالتفرق التفرق بالأقوال، وهذا ضعيف.
كيف التفرق عرفًا؟ ننظر، إذا كانا يمشيان من الجامع إلى المعهد العلمي، فباعه عند الجامع، وجعلا يمشيان إلى المعهد العلمي، وهذا المشي يستغرق كم؟
طالب: نصف ساعة.
الشيخ: لا، ما يستغرق نصف ساعة.
طالب: ثلث ساعة.
الشيخ: ثلث ساعة يمكن، على الأكثر، والناس يختلفون في المشي. هذان الرجلان إذا كانا يمشيان ويتحدثان، إي نعم، يمكن يكون نصف ساعة، وإن كانا يسرعان فأقل. فهل لهما الخيار حتى يتفرقا عند المعهد؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، لهما ذلك، ما داما يمشيان جميعًا مصطحبين فلهما الخيار. فإذا دخلا أحدهما المعهد والآخر راح في شغله حصل التفرق.
إذا كانا في حجرة تبايعا، ثم خرج أحدهما من الحجرة إلى الحمام لقضاء الحاجة، فهل تفرقا؟
طالب: لا.
طالب آخر: نعم.
طالب آخر: ينظر.
الشيخ: تفرقا، كيف ما تفرقا؟ تفرقا.
طالب:( ... ).
الشيخ: لو رجع، إذا رجع المجلس الأول انتهى، فهذان قد تفرقا.