أما الأثري: فقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»(٩)، فقوله:«مَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ»، يعني: من حين العقد؛ لأن البيع يتم بمجرد الإيجاب والقبول، «إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» فيكون لمن؟ للمبتاع الذي هو المشتري؛ لأن أصله، أي: أصل هذا المال -وهو العبد- ملك للمشتري بمجرد العقد. هذا هو الدليل، وعرفتم أن الدلالة فيه خفية جدًّا، ولهذا اختلف العلماء في هذه المسألة: هل الملك مدة الخيارين للبائع أو للمشتري أو في ذلك تفصيل؟
فقيل: إنه للبائع؛ لأن البيع لم يلزم بعد؛ إذ إنه لا يلزم حتى أيش؟ تتم المدة قبل الفسخ، وعلى هذا فيكون الملك للبائع.
وقيل: إنه منتظَر، فإن تبين الإمضاء فهو للمشتري، وإن فُسخ فهو للبائع. وهذا القول من حيث النظر قويٌّ، لكن قد يقال: إن الحديث مقدَّم على النظر، وهو أن الملك يثبت بمجرد البيع والشراء؛ يعني: بمجرد الإيجاب والقبول، فهذا هو الدليل الأثري.
أما الدليل النظري: فلأن هذا المبيع لو تلف لكان مِن ضمان من؟ من ضمان المشتري، وإذا كان من ضمانه فكيف نجعل عليه الغرم، ولا نجعل له الغنم؟ ! فالصحيح ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله أن الملك من حين تمام القبول بعد الإيجاب يكون للمشتري.
بقي علينا أن نقول: لمن النماء؟ النماء ينقسم إلى قسمين: متصل ومنفصل؛ فالنماء المنفصل للمشتري، والنماء المتصل للبائع؛ مثال ذلك: اشترى شاة بمئة درهم.
وله نَماؤُه الْمُنْفَصِلُ وكَسْبُه، ويَحْرُمُ ولا يَصِحُّ تَصَرُّفُ أحَدِهما في الْمَبيعِ وعِوَضِه الْمُعَيَّنِ فيها بغيرِ إذْنِ الآخَرِ بغيرِ تَجرِبَةِ الْمَبيعِ إلا عِتْقُ الْمُشْتَرِي، وتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فَسْخٌ لخِيارِه، ومَن ماتَ منهما بَطَلَ خِيارُه.
الثالثُ: إذا غُبِنَ في الْمَبيعِ غَبْنًا يَخْرُجُ عن العادةِ،